عرض - أشرف البربري :
هذا الكتاب الصادر بعنوان: (مليارديرات بالصدفة) يحكي قصة صعود الملياردير الشاب مارك زوكيربيرج وإنشاء موقع الإنترنت الشهير فيس بوك. في هذا الكتاب وفي هوامش الكتاب سمح المؤلف بن ميزريك لنفسه اختراع حوارات وتلخيص تفاصيل ووضع أفكارا خيالية في رؤوس شخصياته من أجل توصيل الفكرة الرئيسية للكتاب..
لم يكن مارك زوكيربيرج قد أتم عامه العشرين حيث كان يدرس في جامعة هارفارد، وكان من هواة اختراق شبكات الكمبيوتر (هاكر) ويعيش في عزلة اجتماعية وهي العزلة التي فرضت عليه نوعا من الغموض حتى بالنسبة لصديقه الأكثر طموحا اجتماعيا إدوارد سيفرين.
في ذلك الوقت حول زوكيربيرج موقع تعارف على الإنترنت اقترحه زملاء له في شبكة خدمات اجتماعية شاملة للدارسين في الجامعة العريقة وحمل الموقع عنوان: (فيس بوك دوت كوم - من إنتاج مارك زوكيربيرج). و مازال زملاء زوكيربيرج حتى اليوم يقيمون الدعاوى القضائية للمطالبة بحقهم في الملكية الفكرية لموقع فيس بوك.
واعترافا منه بأن لعبة فيس بوك غيرت موازين القوى في عالم الإنترنت شارك سيفرين في مشروع زوكيربيرج وقدم نفسه باعتباره شريكا اقتصاديا ومستشارا ووضع الأموال التي كسبها كأسطورة استثمارية في الواجهة.
والحقيقة أن (مليارديرات بالصدفة) ليس فقط مجرد قصة غامضة ولكنه أيضا نكتة طريفة. ورغم اعتباره شخصا نابغا فإن زوكيربيرج لا يشعر بالحياة فعلا إلا عندما يجلس أمام جهاز الكمبيوتر لكي يتحدث مع عارضات شركة (فيكتوريا سيكريت) للملابس النسائية أو يخطط لاقتحام حفل فاخر في وادي السيلكون عبر شبكة الإنترنت. عندما يجلس أمام كمبيوتر تتدفق أفكاره العقلية والإبداعية عندما يتحدث الرجل من وراء قناع. والحقيقة أن زوكيربيرج لم يكن في الحياة العامة شخصا غامضا بقدر ما كان شخصا مملا. يقول ميرزيك إن زوكيربيرج يجلس حوالي 20 ساعة أمام جهاز الكمبيوتر ولكن لا يوجد ما يشير أبدا إلى أن خططه أنجزت بالفعل. وإذا كان يقال إن تحديات علم الكمبيوتر غامضة فإن دوافعه أيضا غامضة. وإذا كان ميزريك على صواب فإن زوكيربيرج وسيفرين لم يطلقا موقع فيس بوك لكي يسيطرا على العالم ولا لحل أي من الألغاز الخيالية لعلم الكمبيوتر وإنما لكي يتعرفا على النساء!! وأصبحنا الآن أمام أصغر ملياردير عصامي في العالم وهو مجرد شخص عبقري يمتلك قدرا ضئيلا جدا من المزايا لكنه يمتلك قدرا هائلا من تقدير الذات، نوع من الأشخاص المهوسيين المتذمرين الذين يعتقدون أن مقارنة النساء بمزرعة الحيوانات أمر مثير. والمفارقة الكبرى في قصته، كما يقول مؤلف كتاب (مليارديرات بالصدفة) أن الشخص الذي يعاني من مشكلات اجتماعية اخترع أكبر موقع اجتماعي على الإنترنت.
المهوسون والحالمون والأباطرة الذين جعلوا الإنترنت على ما هي عليه الآن هم مجموعة من الأشخاص الرائعين الذين يمتلكون أشياء مثيرة لكن قوة الأدوات والشبكات التي طوروها مازالت تحتاج إلى تحليل جاد أيضا.
والحقيقة أن العديد من المؤلفين عالجوا قصة هؤلاء الأشخاص المبدعين من خلال أفكار أكثر إثارة مما فعل ميزريك. والسؤال هو: أليس عمل شبكة الويب نفسه يتحدى أي حساب تاريخي؟
وفي النهاية هل سيكون هناك أي شيء آخر غير صناديق البيتزا والوجوه التي تضيئها شاشة الكمبيوتر المسطحة؟
بالنسبة للمواقع الاجتماعية المعروفة على الإنترنت مثل (فريندستير) و(ماي سبيس) فإن فيس بوك حول الحياة البرية للإنترنت إلى ضاحية جميلة هادئة ومستأنسة وعلى امتداد الطريق فإنه غير أيضا مفهومنا للخصوصية.
اليوم يضم فيس بوك 250 مليون مستخدم. ولو كان فيس بوك دولة فإنه سوف يزيد إندونيسيا عن المركز الرابع كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان. ولكن العدد الكبير من المستخدمين ليس هو كل الحكاية. فبالنسبة للفيس بوك وأمثاله فإنه قد يؤدي خلال فترة قصيرة إلى تغيير مفهوم الدولة نفسها ليصبح غير ذي معنى ومضى عليه الزمن. وكما ظهر خلال الأزمة السياسية الأخيرة في إيران فإن المواقع الإجتماعية مثل فيس بوك وتويتر تغير طبيعة الحياة وجمع الأخبار والعلاقة داخل وبين المجتمعات. وقد أصبحت الوسائل التي يتم بها التحول في المجتمعات سريعة الانتشار وسريعة الزوال بحيث يصبح من الصعب رصد جوهر هذه الوسائل وتوثيقها وأرشفتها بالوسائل التاريخيجة التقليدية.