د. تيسير كمناكاش
بعد 70 عاماً من نفْي المسلمين داخل روسيا في الحقبة الشيوعية، يعود المسلمون الروس اليوم؛ لتنفس هواء الحرية الذي ظهر من خلال ابتهاجهم بقدوم المناسبات الإسلامية، خصوصاً شهر رمضان المبارك، ويظهر هذا الابتهاج والفرح من خلال المساجد المنتشرة في ربوع روسيا يتوافد عليها بكثافة المسلمون الروس لصلاة التراويح كل يوم، وهي عشرون ركعةً بالإضافة إلى ركعتي الشفع والوتر، وليست المساجد فقط هي التي تحتفي برمضان ولكن الأشخاص مثلاً في منطقة نيجني نوفجراد يحتفون في بيوتهم برمضان وكأنه عيد؛ حيث يدعون شخصيات معروفة من المسلمين الروس - من مجلس الإفتاء مثلاً - في بيوتهم ويدعون الناس ويجلسون هناك يذكرون الله، ويأتي إمام المسجد ليقرأ القرآن، ويلقي كلمةً عن فضائل رمضان ثم يدعو لنصرة الدين والأمة الإسلامية.
ويُعد شهر رمضان أحد أهم المناسبات الدينية التي يحرص المسلمون الروس على الاستفادة منها؛ حيث ينتهز المسلمون هناك الشهر الكريم للتمسك بالدين الحنيف، وتثبيت دعائمه في نفوس أفراد المجتمع الإسلامي الروسي، ويقوم من يتقن قراءة القرآن بقراءة ما تيسر من الذكر الحكيم أو يقوم آخر بإلقاء درس في التفسير أو الحديث أو السيرة أو العقيدة، ويكون ذلك أثناء موائد الإفطار، وتترك تلاوة القرآن أو إلقاء درس ديني أثراً طيباً في المدعوين، وتساعد على جذب غير المتدينين من المدعوين إلى التديُّن والالتزام بالتعاليم الإسلامية، وتنظِّم الجمعيات الخيرية موائد الإفطار الجماعي والتي تماثل (موائد الرحمن) في مصر، وتشارك العديد من الدول العربية والإسلامية في إقامة مثل هذه الموائد عن طريق البعثات الدبلوماسية؛ مما يُشعر المسلم الروسي بعمق الروابط بينه وبين باقي شعوب العالم الإسلامي.
وتوجد في المساجد قاعات صلاة للنساء، بعضهن قَدِمن من أحياء بعيدة لأداء الفريضة، أعمار شتى، وتتلخص الشعائر الرمضانية عند الروس في الاجتماع حول موائد الإفطار والذهاب إلى أداء صلاة الجماعة، وتقوم المساجد الرئيسية بختم القرآن الكريم طوال شهر رمضان؛ الأمر الذي يجعل من هذا الشهر عيداً يمتد على مدار ثلاثين يومًا، وتعد صلاة التراويح مهمةً جدّاً في توحيد المسلمين؛ حيث يشعر المسلم القادم إلى أداء صلاة التراويح بأنه قادم إلى جماعة فيستقرّ لديه الشعور الديني الإيماني.
تؤدي هذه الأجواء الرمضانية إلى إقبال بعض غير المسلمين على اعتناق الدين الإسلامي، فقد أعلن الأستاذ الجامعي الروسي فولنتين بروساكوف إسلامه، وكان فولنتين يعلِّم وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس اللغة الروسية أثناء دراستها الجامعية، وبروساكوف روسي المولد هاجر إلى أمريكا في زمن الاتحاد السوفيتي؛ حيث كان رافضاً للشيوعية وعاش بها عشرين عاماً ثم عاد إلى روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
وقد كان طريقه إلى الإسلام شاقًّا؛ فقد هرب من الشيوعية ثم هرب من الديمقراطية الأمريكية، وقد كان باستمرار ينتقد الكيان الصهيوني والصهاينة، ولم تكن تعجبه أكذوبة (شعب الله المختار)، وهو ما انعكس بوضوح من خلال كتاباته، ويكتب اليوم عن الإسلام في صحيفة الفكر المعاصر الروسية، وهي أول صحيفة شهرية توزَّع على نطاق واسع في روسيا يصدرها المركز الإسلامي في روسيا؛ حيث تضم موضوعات تهم المسلمين والدعوة الإسلامية، وكان 3 قساوسة روس قد أعلنوا إسلامهم في رمضان من العام الماضي ولعبوا دوراً فعَّالاً في نشر الدعوة إلى الإسلام.
وإذا انتقلنا إلى القرى الروسية نجد رمضان مختلفاً في روسيا؛ ففي قرية مثل (أربيشكا) مثلاً تخلو شوارع القرية تماماً من المارَّة؛ فالكل يجهِّز للإفطار في المنازل, أما في المسجد فيتجمَّع عدد من شيوخ القرية بانتظار أذان المغرب، الذي ما إن يرتفع حتى يبدأ هؤلاء إفطارهم بتناول الزبيب, ثم يصلون المغرب, بعد الصلاة يتوجَّه الجميع إلى منزل أحد الأثرياء الذي يجهِّز مأدبة الإفطار الجماعي, وهو تقليد درج عليه المقتدرون من أهالي القرية، ويكون الإفطار الجماعي على طاولتين، واحدة للنساء في غرفةٍ تجاور المطبخ، وأخرى للرجال في الطابق العلوي, على الطاولتين تتوزَّع أطباق الفاكهة والفطائر, قبل ذلك كله ترتفع الأكفّ ويدعو الجميع بالخير لصاحب المنزل وأهله, الذين تنتابهم حركة دؤوبة ونشاط غير عادي؛ فرحاً باستضافة هذا العدد من الصائمين.
ملامح البهجة الرمضانية في القرى الروسية قد لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها في دول عربية وإسلامية, فقط الظاهر والملموس أيضاً أن المسلمين الروس في فرحهم برمضان وكأنهم يعوِّضون سنوات طويلة كان الجار يخشى أن يقول لجاره مجرد عبارة (رمضان كريم)، لكنها أيام قد ولَّت، لم يبقَ منها سوى ذكريات تُستدعَى كل مرة بمشاعر لا تخلو من مرارة. وتتلخص الشعائر الرمضانية عند الروس في الاجتماع حول موائد الإفطار والذهاب إلى أداء صلاة الجماعة، وتقوم المساجد الرئيسية بختم القرآن الكريم طوال الشهر.
وتقدر تقارير صادرة عن المنظمات المسؤولة عن العمل الإسلامي في روسيا عدد المسلمين في جمهورية روسيا الاتحادية وحدها بنحو 30 مليون نسمة، من تعداد السكان الكلي الذي يزيد على 148 مليوناً، ورغم أن السكان الروس يتناقصون بمعدل نصف مليون سنويّاً تقريبًا، إلا أن الديمجرافيين يتوقعون أنه بحلول عام 2020 سوف يكون واحد من كل خمسة من الروس مسلمًا. والمسلمون في روسيا بأغلبيتهم من أهل السنة من أتباع المذهبَين الحنفي والشافعي، ويشكِّل أتباع المذهب الحنفي الأغلبية في منطقة حوض الفولجا وأعماق روسيا وسيبيريا، بينما يسود المذهب الشافعي في القوقاز، وأن عدد أتباع المذهب الحنبلي في روسيا قليل، ولا يوجد عمليّاً مالكيون، ويعتنق المذهب الشيعي الجعفري بصورة أساسية الأذريون (حوالي مليوني شخص)، ويوجد في شمال القوقاز بالإضافة إلى ذلك عدد من الجماعات الصوفية.
وتعتبر الإدارات الدينية بمثابة الهيئات القيادية للمسلمين في روسيا، وجرى تأسيس أول إدارة دينية بمرسوم خاص من الإمبراطورة يكاترين في 22 سبتمبر 1788م بعنوان: (مجلس أوفا الديني وفق القانون المحمدي)، وجرى الاحتفال ببدء أعماله في 4 ديسمبر 1789م.
ويوجد في روسيا ما يقارب 40 إدارة دينية للمسلمين وأكثرها نفوذاً الإدارة الدينية لمسلمي الشطر الأوروبي من روسيا، وسجَّلت وزارة العدل الروسية الإدارة الدينية لمسلمي الشطر الأوروبي من روسيا في 23 فبراير عام 1994م باسم الإدارة الدينية لمسلمي إقليم روسيا الأوسط الأوروبي.
وفي كل مسجد هيئة شورى تنتخب لجنةً من 3 أشخاص لحل مختلف القضايا الجارية، بما فيها تلك التي تتعلق بالممتلكات، ويعيِّن أئمة المساجد مفتيّ الإدارات الدينية، ويعتبر الأئمة زعماء دينيين ومسؤولين عن الشؤون المالية والاقتصادية للمساجد، وتشكَّل الإدارات الدينية للمسلمين على أساس قومي إقليمي، ويوجد أيضاً مجلس المفتين في روسيا الذي أسس في يونيو عام 1996، والذي يوحِّد عدداً من الإدارات الدينية للمسلمين وينسق نشاطاتها.
وإذا كان تعامل الحكومة الروسية مع المسلمين جيداً فإن المسلمين هناك يعانون من هجوم شرس تشنُّه وسائل الإعلام التي يسيطر اليهود على 25% منها، والتي تنقل صورةً مشوَّهةً عن الإسلام، كما تنشرها وسائل الإعلام الغربية.
وقد دخل الإسلام أراضي روسيا في القرن الثامن الميلادي. ومن ذلك الحين بات يعتبر الدين الثاني من حيث عدد أبناء الشعوب التي تدين بالأديان. وتمتد الحضارة الإسلامية في روسيا على مساحات شاسعة من موسكو وسانت بطرسبورغ إلى سيبيريا والشرق الأقصى الروسي، من حوض الفولغا إلى شمال القوقاز. وتضم تلك المناطق أبناء عشرات الشعوب المتلاحمة معاً في وحدة قائمة على القيم الدينية والروحية والأخلاقية الإسلامية، ومسلمو روسيا الذين يشكلون جزءاً من الحضارة الإسلامية إنما هم في الوقت ذاته مواطنين مخلصين موالين لروسيا ومكوناً عضوياً راسخاً من مكونات المجتمع الروسي فالمسلمون الذين يعيشون طوال القرون جنبا إلى جنب مع الروس وباقي أبناء شعوب روسيا يتعاونون معهم ويتفاعلون في شتى ميادين الحياة، وبذلك أسهمت الشعوب الإسلامية القاطنة في روسيا بقسط مرموق في تتنمية الاقتصاد وتطوير الثقافة في البلاد. ومسلمو روسيا لم ولا يكتفون بالتعاون الودي مع الروس وباقي شعوب البلدان الإسلامية، بل غدوا، حلقة الوصل بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي من خلال المساعدة والعمل على بناء روسيا بوصفها حاضنةً لحضارة مميزة.
في ظل النظام الشيوعي في الإتحاد السوفيتي تعرض الإسلام في روسيا - شأن جميع الأديان الأخرى بالطبع - لزمن صعب. إلا أن عملية إحياء الإسلام سارت بخطى متسارعة منذ بداية التسعينات في روسيا وفي باقي الجمهوريات القاطنة في المجال السوفيتي السابق. وتجلى ذلك ليس فقط في بناء آلاف المساجد الجديدة وعدد كبير من المؤسسات التعليمية الإسلامية. فقد تغير نحو الأفضل وبصورة مبدئية موقف الدولة حيال الإسلام. وجاء انضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب مؤشرا آخر على الاعتراف بالدور الكبير للإسلام والمسلمين في حياة روسيا ودليلاً على الرغبة في تطوير التعاون مع العالم الإسلامي من جميع الوجوه. في العهد السوفيتي عندما كان الترويج للدين محظوراً، كان العديد من الصروح الدينية، بما في ذلك المساجد قد تعرض إلى الغلق أو الهدم. وحتى عام 1991 لم يتجاوز عدد المساجد في كافة أنحاء الاتحاد السوفيتي 100 مسجد. ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وبدء النهضة الروحية في روسيا ظهرت الحاجة إلى الكنائس والمساجد. أما الآن ففي روسيا اليوم أكثر من 6 آلاف مسجد وفي عاصمة روسيا موسكو وحدها يوجد حالياً 5 مساجد.
وتأكيداً منه على اهتمام الكريملين بالإسلام في روسبا دعا الرئيس الروسي دميتري مدفيديف إلى دراسة مسألة إطلاق قناة تلفزيونية توضح أسس الدين الإسلامي. وأشار الرئيس الروسي خلال لقاء مع مفتيي روسيا ورؤساء الكيانات الفيدرالية في شمال القوقاز يوم الجمعة 28 أغسطس - آب 2009، إلى أن التلفزيون الديني يجب أن يكون عصرياً وأخلاقياً. ودعا مدفيديف إلى إشراك أفضل الأئمة وعلماء الدين في العمل على إنشاء هذه القناة الإسلامية.
وأشار مدفيديف إلى الضرورة الملحة لتنشيط عمل رجال الدين الإسلامي مع وسائل الإعلام وعلى صفحات شبكة الانترنت بهدف توضيح قيم الإسلام الحقيقية والتصدي للدعاية المتطرفة.
كما أكد الرئيس الروسي خلال اللقاء دعم جميع الدول الإسلامية لما تقوم بها السلطات الروسية من مكافحة للإرهاب، بفضل العلاقات الخارجية مع العالم الإسلامي التي يرعاها المركز التنسيقي لمسلمي شمال القوقاز.
وفي شأن ذي صلة، أيد مدفيديف ضرورة تطوير نظام التعليم الإسلامي داخل روسيا. ووعد الرئيس الروسي بتقديم الدعم الكامل للمؤسسات الإسلامية في شمال القوقاز، موضحاً أنه بدون زيادة نفوذ رجال الدين لا يمكن حل المشاكل الموجودة في المنطقة.
وكان الرئيس الروسي دميتري مدفيديف قد التقى في وقت سابق مع أبرز رجال الدين الإسلامي في روسيا وتناول اللقاء الذي عقد في جامع موسكو، مسائل العلاقات بين الأديان والطوائف في روسيا، إلى جانب التعليم الإسلامي ومواضيع أخرى متعلقة بالثقافة الإسلامية.
وتعتبر هذه الزيارة أول زيارة لمدفيديف إلى جامع موسكو، كما أنها أول زيارة لهذا الجامع من قبل رئيس الدولة على امتداد فترة وجوده التي تتعدى القرن. وتعرف الرئيس الروسي على تاريخ الجامع الذي بني في عام 1904، وجرى توسيعه وتحديثه لاحقاً.
وشارك في (الطاولة المستديرة) مع الرئيس الروسي التي عقد في الجامع كل من الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس مفتيي روسيا، وطلعت تاج الدين رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا، وإسماعيل بردييف رئيس مجلس تنسيق شوؤن المسلمين في منطقة شمال القوقاز الروسية، وعدد آخر من مفتيي الأقاليم الروسية.
وأعلن الرئيس مدفيديف خلال لقائه مع مفتيي روسيا أنه في ظروف استمرار نشاط التنظيمات المتطرفة بروسيا تبقى مسألة إشاعة أفكار التسامح وعدم التعصب الديني من أهم مهام الدولة والطوائف الدينية. وأكد مدفيديف قائلاً: (إن المتطرفين يتسترون بشتى الشعارات الدينية الإسلامية وغير الإسلامية والتي ليس لها عموماً أي صلة بالإيمان). وأشار الرئيس الروسي إلى (أن هذا العامل معقد جداً حيث إنه يزعزع الاستقرار في بلدنا ونحن ملزمون، طبعا، بمراعاته وباتخاذ كافة الاجراءات لتحييده). وأضاف الرئيس الروسي: (لا يزال هناك في العالم نزاعات اثنية طائفية وللأسف الشديد من الملاحظ تزايد انتشار الميول المتطرفة في العديد من مناطق كوكبنا). وأعلن مدفيديف قائلاً: (في ظروف كهذه تتجلى مهمتنا الهامة المشتركة في نشر وإشاعة أفكار التسامح وعدم التعصب الديني والحرص على القيم الروحية والحفاظ على تقاليد شعوب بلدنا المتعدد القوميات وتتنوعه الثقافي). وحسب قوله يكمن هنا دور كبير جدا لرجال الدين الإسلامي.
واستطرد مدفيديف قائلاً: (إننا ندرك مدى أهمية وجود منظومة خاصة لإعداد رجال الدين والمدرسين بالنسبة للمنظمات الدينية الإسلامية. وإن الدولة ستمضي قدما أيضا في المساعدة على تحقيق ذلك). وأشار مدفيديف إلى أنه من أصل 182 قومية في روسيا ثمة 57 قومية يعزو ممثلوها أنفسهم إلى الإسلام. وحسب اعتقاده فإن المنظمات الدينية الإسلامية تسهم بقسط وافر في الحفاظ على السلام المدني والتربية الأخلاقية الروحية ومكافحة التطرف وكراهية الغرباء. وأشار مدفيديف إلى أن احترام مسلمي روسيا يلمس في العديد من البلدان.
وأعرب الرئيس الروسي عن شكره لممثلي المنظمات الدينية الإسلامية على مساهمتهم في تعزيز سمعة روسيا بالعالم وتوطيد التفاهم بين شعوب وطوائف البلد.
أعلن دميتري مدفيديف عن دعمه لفكرة بناء مسجد في مدينة سوتشي حيث ستجري في عام 2014 الألعاب الأولمبية الشتوية. وقد تقدم بهذا الطلب يوم 15 يوليو - تموز رئيس مجلس المفتين بروسيا راوي عين الدين. يذكر أنه لا يوجد حاليا في هذه المدينة أي مسجد. وقال الرئيس الروسي بهذا الصدد: (ينبغي التفكير ببناء مساجد جديدة وخاصة في الأماكن التي يقطن فيها العديد من المسلمين ويزورها الكثير من الضيوف).
وقد وصف راوي عين الدين أول زيارة لرئيس الدولة إلى جامع موسكو بالحدث التاريخي وأعرب عن الشكر لدعم الدولة للمسلمين. وقال راوي عين الدين أثناء لقاء مدفيديف مع ممثلي المنظمات الدينية الإسلامية في روسيا الاتحادية في الجامع: (هذا حدث تاريخي مشهود. وقد صرنا نشعر باهتمام أكثر من جانب الدولة). وأكد عين الدين على أنه خلال أكثر من قرن من تاريخ هذا الجامع زاره العديد من رؤسا ء الدول الأجنبية أثناء تواجدهم في روسيا. وأضاف قائلاً: (ولكننا انتظرنا طويلاً جداً حتى جرت زيارة رئيس دولتنا لهذا الجامع. وها نحن نرى اليوم الرئيس الروسي يتخطى عتبة الجامع).
وأعرب الرئيس مدفيديف بدوره عن قناعته بأنه بعد إنجاز أعمال ترميم وتوسيع الجامع سيصبح (زينة العاصمة الروسية). وحسب قوله فإن هذا النطاق الواسع للأعمال المذكورة يشهد على الاهتمام الشامل بالتراث الروحي ويدل على أن أتباع الدين الإسلامي في بلدنا يتمتعون بما يستحقونه من احترام الدولة واهتمامها.
وإذا نظرنا إلى حكم الرئيس السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين بوسعنا القول بشكل قاطع أن سياسة الدولة الروسية إزاء الإسلام قد تغيرت. وعندما ينظر العالم الإسلامي إلى نشاطات الرئيس الروسي فإنه يتذكر بالمرتبة الأولى مبادرة بوتين التي تقدم بها في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في كوالالمبور بماليزيا حول انضمام روسيا إلى المنظمة بصفة مراقب. وبفضل إصرار الدبلوماسية الروسية تسنى لروسيا الالتحاق بهذه المنظمة بصفة مراقب. وثانياً - تم في فترة رئاسة بوتين البت في قضايا مساعدة مؤسسات التعليم الإسلامية بما في ذلك شمول بعض كليات هذه المؤسسات التعليمية بحق منح دبلومه من الصنف الرسمي. كما لا تقل أهمية واقعة استحداث صندوق غير ربحي (خيري) في روسيا لدعم التعليم والثقافة والعلوم الإسلامية. وتدعم الدولة من خلال هذا الصندوق المؤسسات التعليمية الإسلامية وتساعد الأئمة الذين يعملون في مختلف أقاليم روسيا، كما يجري تنفيذ برامج التوعية الإسلامية. وثالثاً - توسعت في عهد الرئيس بوتين علاقات روسيا السياسية والاقتصادية والثقافية مع العالم الإسلامي وبالأخص مع المملكة العربية السعودية وإن زيارة خادم الحرمين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 2004 إلى موسكو ومن ثم زيارتي كل من ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز (أعاده الله إلى ربوع وطنه سالماً غانماً) وسمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض أكسبت تطور العلاقات مع المملكة زخماً كبيراً.
وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد في مجلس الدوما الروسي (البرلمان) 48 نائباً مسلماً من أصل 450 نائباً، كما وتوجد ضمن التركيبة الحكومية لرئيس مجلس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وضمن الحقائب الوزارية الأساسية شخصيتان مسلمتان هما الجنرال رشيد عمر نور علييف الذي يتبوء منصب وزير الداخلية في الحكومة الروسية وعلي آل خانوف النائب الأول لوزير العدل الروسي.
kamnakesh@mail.ru