الحمد لله الذي امتن على خلقه بالأمن فقال: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} وأشهد أن لا إله إلا الله حرم الظلم وتوعد الظالمين بأليم العقوبة وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله القائل: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) صلى الله عليه وآله وصحبه أما بعد:
فالأمن مطلب لا تستقر الحياة بدونه وهو مسؤولية الناس جميعاً ولا طعم للحياة بلا أمن بل الحاجة إليه كالحاجة للطعام والشراب فلا قوام للحياة بدونه.
وفي هذه الليالي والأيام المباركة من هذا الشهر الكريم يأبى أصحاب النفوس الحاقدة والأفكار المنكوسة إلا تكدير الصفو على الآمنين ومحاولة خرق سفينة المجتمع لتحقيق ما يطمع له أعداء هذه البلاد من زعزعة الأمن وبث الفرقة وتسليط أدوات من هذا المجتمع عشعش الفكر الضال في عقولهم فخدموا أعداء الدين من حيث يشعرون أو لا يشعرون.
إن مسؤوليتنا الشرعية والخلقية والوطنية تحتم علينا المساهمة كل على قدر استطاعته في الحفاظ على الأمن بمفهومه الشامل وردع الظالمين وفضح من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد أو الاعتداء على حرمات العباد وينبغي ألا تأخذنا العواطف في التسامح والتساهل مع المجرمين أياً كان نوعهم ومهما كانت مشاربهم.
لقد كفلت شريعة الإسلام حقوق المسلمين وغيرهم يقول صلى الله عليه وسلم: (من آذى ذمياً فأنا خصمه يوم القيامة) هذا في حق غير المسلمين من أهل الذمة أما أهل الإيمان فا الله جل وعلا حرم أذيتهم قولاً وفعلاً وعظم أمرها ورتب العقوبات الصارمة عليها وأنتم تقرؤون في كتاب الله {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}ولذا كان المؤمن أعظم حرمة عند الله من البيت العتيق الذي عظمه الله وأوجب زيارته والطواف حوله قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} وقال تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}.
لقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرماً وهو لا يحصل إلا من ذوي النفوس الخبيثة التي طبعت على الجريمة والفساد وفقدان الوازع الديني والتجرد من أخلاق الإسلام.
والظلم تحد لله وتطاول على شرع الله الذي جاء بحفظ الأعراض والأنفس والأموال وتوفير العدالة وتوطيد الأمن وتثبيت الاستقرار والظالم يشوه الحياة ويكدر الصفو وهو متوعد بالعقوبة على قدر مظلمته.
هذا وإن ما حدث من أصحاب الفكر الضال من محاولة الاعتداء على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية من أشنع الظلم إذ يجتمع في هذه الجريمة أنواعُ الظلم كلها.
لقد روعت هذه الفعلة النكراء الآمنين وأقضت مضاجع المؤمنين وكدرت ليلة الخاشعين العابدين ومن يدري لعل الله حفظ سمو الأمير وكفاه شر هذه الجريمة بدعوات الراكعين والساجدين الذين يدعون له ولغيره من ولاة الأمر الذي يسهرون لتحقيق الأمن لهذه البلاد ولكل من يقيم على ثراها.
لقد أخذ الإرهاب أشكالاً متعددة وطرقاً ملتوية لتحقيق مكاسب لأعداء الدين وأعداء المسلمين وهذا الفكر الذي يخدم أعداءنا يجب أن نقف في وجهه بكل حزم وقوة فبلادنا ولله الحمد والمنة تمد ذراعيها لكل من يريد الخير وتفتح صدرها لكل من يتعاون معها لخير البلاد والعباد لكننا أيها القراء الكرام محسودون على ما ننعم به من نعمة الدين والأمن والاجتماع وحتى الثروة في بلادنا هناك من يطمع بها من أصحاب القلوب المريضة فلنكن يداً واحدة ولنتعاون جميعاً على الخير فكل منَّا حارس وكل منَّا على ثغرة وهو مسؤول عنها ولنجتهد في حماية مجتمعنا ولنضع أيدينا في أيدي ولاة أمرنا ولنكن سداً منيعاً أمام هؤلاء الأعداء.
اللهم احفظ بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجار وما يأتي به الليل والنهار، اللهم أتم علينا نعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام، اللهم من أرادنا أو أراد بلادنا أو أراد مقدساتنا وعلماءنا وولاة أمرنا بسوء اللهم فأشغله بنفسه ورد كيده إلى نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه.
اللهم افضح المجرمين ويسر الوصول إليهم اللهم شدد قبضتك عليهم وفق رجال الأمن ليتمكنوا منهم، اللهم من خطط لجريمة فافضحه في جوف بيته، اللهم أفرح المؤمنين بفضح المجرمين، اللهم وفق ولاة أمرنا لكل خير اللهم خذ بأيديهم لما فيه خير البلاد والعباد.
أ.د. عبدالله بن محمد بن أحمد الطيار
أستاذ الدراسات العليا بجامعة القصيم