حملت على قدميها الواهنتين
ذلك النسيج المتهالك عليهما
وتلك الفروع المنحنية من فرط المسافات والأحمال تتجاسر
يداها ترجفان من رهق الزمن
فرشت سجادتها وبالكاد انفرجت من فرط إعيائها بسمة عن شفتيها
المساء هذا سيكون الرابع أصلي التراويح
كانت لأيام قليلة غادرت قد ودعت المصحة
على جبهتها سنوات وقصص وحكايا العصافير والريح وعلب الجروح
سجادتها تكاد أن تقفز حنيناً لعابدة تركت في نسيجها بصمات قدميها وجبهتها
صوت المكان يرتهج بفرحتها الصامتة: هذا العشاء سأقف على سجادتي...
لكن أصواتاً تعالت تتسلل بعنوة لأرجاء المكان تتردد أصداؤها على الجدران تؤز أذنيها بقوة وقعها... تتخالط بالقراءات هذا يقرأ من سورة وآخر يبدأ في أخرى وثالث يكبر المآذن بمكبراتها تطرق بقوة على ضلوعها... وسمعها... ونبض قلبها..
جلست فوق سجادتها بهيكلها الواهن ونفسها الوثابة... ضاع صوت بكائها الواهن بحرقة...
هرول من في الحجرة نحوها: قالت: أئمة المساجد حولنا يقتنصون خشوعنا يدكون عروق نبضنا يحتلون مساحات قلوبنا وآذاننا... كأنهم وحدهم المصلون ووحدهم من عليه الطاعة والعبادة... بكت اهتز لبكائها نسيج يلف جسدها الواهن... وبقيت تنتظر أن تهجد أصواتهم لتخلو لربها في هدوء...
لكن عساكر الوهن المحتلة جسدها أثقلت عليها... ومضت بها للفراش...
وفي خاطرها شغف لسجادتها...