في صورة دائمة التكرار، يتابع الجميع قوة الترابط بين الراعي والرعية، من خلال أبواب لا تغلق، وصدور لا تضيق، وبسمة عريضة لا تغيب، ورحابة صدر ممزوجة بقدرة عجيبة على الاستماع والتعامل مع مشاكل المواطنين، إنها سياسة الباب المفتوح كما اعتدنا على تسميتها، والتي توارثتها الأسرة الحاكمة أباً عن جد.
وإذا كانت يد الإرهاب قد جعلت وزارتنا ومنشآتنا تعيش خلف أكوام من الصبات الأسمنتية فكيف سيتم التعامل مع استهداف الشخصيات المهمة؟ وما الذي يجب استحداثه من إجراءات في أعقاب المحاولة الغادرة لاغتيال سمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية؟ ثم هل ستطول يد الغدر والخيانة من سياسة الباب المفتوح؟
لا يختلف عاقلان بأن الأهداف الحقيقية لهذا التنظيم هي أهداف سياسية بحتة، غلفها كبار قادة هذا التنظيم الإرهابي الغادر بغلاف ديني في محاولة لإيجاد الشرعية لما يقومون به من أعمال، ومنذ البداية كانت كل شعارات هذا التنظيم ودعايته وأعماله تصمم من أجل ضرب ثقة المواطن في الحاكم، وهي خطة استراتيجية بعيدة المدى لضمان اجتذاب أكبر عدد ممكن من المؤيدين والمناصرين، فمن دون زعزعة هذه الثقة لن يستطيع هذا التنظيم المارق أن يصل إلى أهدافه.
ومع مراحل تطور وتنوع عمليات هذا التنظيم كانت ثقة المواطن في الحاكم تزداد، بل تحقق ما لم يكن في حسبان أولئك النشاز، فقد ازدادت اللحمة والتماسك بين الراعي والرعية، غيرةً وحباً للذود عن مقدرات هذا الوطن المعطاء، وفشلت هذه الخطط لأن الحاكم كان دائماً أقرب للمواطن من الجميع، وعندما كان هذا التنظيم الفاسق يخطط لعملياته في الظلام، كانت أبواب آل سعود مفتوحة أمام الجميع، مفتوحة للنقاش وللحوار حتى مع العائدين من أعتى دهاليز الظلام.
وعندما أدرك القائمون على هذا التنظيم الإرهابي بأن (سياسة الباب المفتوح) كان لها دور كبير في إفشال مخططاتهم في ضرب ثقة المواطن في الأسرة الحاكمة، عندئذ قرروا اغتيال هذه السياسة من خلال محاولة اغتيال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، لقد خططوا ونفذوا هذه الجريمة البشعة في شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران، ولا غرابةَ لدي في ذلك فقد استسلموا لشياطينهم وجعلوها مرجعاً في كل خطواتهم، معتقدين بأن مثل هذه العمليات كفيل بالقضاء على هذه السياسة أو على الأقل تغيير ملامحها الجميلة.
ومع إدراكي ويقيني بأن هذه السياسة ستعيش وستستمر على الرغم من أنوف الحاقدين، إلا أنني أطالب الجميع من مسؤولين ومواطنين بأن نكون على مستوى الحدث، وأن يكون لدينا من الحكمة والتعقل ما يكفي لإحباط مثل هذه المحاولات، وأن نعد لكل مرحلة ما يناسبها من إجراءات واحتياطات، ولست هنا قاصداً المطالبة بإيقاف العمل كلياً بسياسة الباب المفتوح، ولكنني أرى بأن يكون هذا الباب مفتوحاً بالقدر الذي يضمن رد كيد الكائدين في نحورهم.