مثلما أصبحت المسألة اللبنانية مجالاً لتسجيل المواقف، ومحاولة لتوسيع ما يعتبرونه نفوذاً أو الحصول على موقع متقدم في الإسهام والمشاركة في صنع القرار العربي، ومع أن من يتصدى للقيام بهذا الدور يجب أن يمتلك مقومات يعجز عن الحصول عليها حتى وإن حاول تعويضها بتقديم الأموال أو لعب دور (المخلب) لقوى إقليمية وجدت ضالتها في تكالب دولة أو أكثر للعب دور أكبر من حجمها، فعملت على تسهيل مهامها بمنحها مواقف تعزز موقفها لتوحي بتنامي نفوذها الإقليمي، وهذا ما شجع أطراف الخلافات سواء في لبنان أو غيرها على تأزيم مواقفهم طمعاً في الحصول على (مكافآت) من يتطلعون إلى تضخيم (مقاعدهم) وإن جاء على حساب المصلحة القومية العربية العليا.. فبعد تسهيل دور تلك الدولة في تمرير انتخابات الرئاسة اللبنانية والتي تمت بعد موافقة القوى الإقليمية الفاعلة، والتي لم تتعدَ تجاوز (مفصل) واحد، بدليل تعثر الانتقال إلى المرحلة الأهم، وهي تطبيع الأوضاع السياسية في هذا البلد بعد أن أصبح لكل موقف ثمن ووجود حتى يدفع مقابل استعداد أطراف موجودة أصلاً للقبض..!!.
الآن تكررت المحاولة ويتكرر الفصل في اليمن، فرغم أن المتمردين الحوثيين لا يلتزمون بما يبرمونه من تفاهمات مع الدولة، حيث يهدفون فقط إلى التقاط الأنفس والإعداد لجولة قادمة من الحرب ضد السلطة الشرعية. وهذا ما كشفته المحاولات السابقة التي قامت بها نفس الجهة الساعية إلى تقوية حضورها في الإقليم، وهذا ما وعته وفهمته تماماً الحكومة اليمنية التي تريد أن تحسم هذا الأمر وتجتثه تماماً حتى لا تعطي الفرصة للآخرين لاستثمار أمنها القومي ووحدة شعبها وأراضيها لتكبير مشاركتها في ترتيب الأوضاع إقليمياً. حتى وإن كان على حساب أمن وحدة دولة شقيقة، وتهديد استقرار إقليم بكامله خدمة لقوة إقليمية أظهرت الأحداث طموحها في فرض نفوذها على العرب جميعاً.. ولهذا فقد أعلنت اليمن شعباً وحكومةً رفضها القاطع تدخل الآخرين في شأنٍ بات من مصلحة اليمن والمنطقة حسمه تماماً.