ندرك جميعاً أن شهر رمضان يحدث فينا صغاراً كنا أم كباراً تغييراً جميلاً يضفي إلى أرواحنا سمواً وجمالاً، ففيه تتقوى الروح بتعلقها بخالقها فتسعى لاكتساب مهارات وممارسات تعبدية عظيمة منها تعلم كيفية تنظيم الوقت فالمأكل في موعد محدد والإمساك عن الطعام في وقت محدد، ونتعلم منه أيضاً فن الاتزان، فنحن في رمضان نسعى لأن نضاعف حسناتنا ونقوّم أفعالنا ونتصف بالمزيد من الصبر والمسامحة والإيثار ونوازن بين غذاء الروح وغذاء البدن ففي بقية شهور السنة قد نركز على غذاء البدن ونهمل غذاء الروح فنصاب بالكسل والفتور وعدم المقدرة على العبادة.. أما في رمضان فيزيد تركيزنا على غذاء الروح فتنشط الروح وإذا نشطت الروح أصبح الجسد قادراً على الطاعة والزيادة فيها، فماذا بعد رمضان فرمضان شهر فضيل قد يمر علينا مرور السحاب في السماء ونعلم يقيناً أنه فرصة قد لا تسنح لنا أن نعيشها مرة أخرى في الأعوام القادمة فنغتنمها إلا أنه حقاً علينا أن نتساءل ماذا بعد رمضان؟ وهل سوف نستفيد من دروس رمضان الأخلاقية والروحية وهل سنعود كما كنا عليه قبل رمضان أم أنه قد حدث تغيّر وتحول في حياتنا باتجاه الأفضل وإلى مزيد من القرب من الله سبحانه وتعالى وسوف يزول بعد هذا الشهر المبارك! إن علينا أن نسعى بكل جهدنا وطاقاتنا في تهذيب النفس وترويضها لتستمر على طريق الصواب وراحة المعيشة في كنف طاعة الله, اجعل لك شعاراً يحفزك على تجنب الرذائل واكتساب المزيد من الفضائل ما بعد رمضان وقل (هي نفسي أروضها بالتقوى) لتنعم بالغفران والسعادة في الدارين ولتكن من السباقين لطاعته ونيل الأجر منه.
- وقفة صادقة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتورّم قدماه، فيُقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فيقول: (أفلا أكون عبداً شكوراً).. وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.. اجعل من شكرك لخالقك والمتفضل بنعمه عليك صيام ست من شوال فمواسم الخير ومضاعفة الأجر لا تفوت ولا تعوَّض.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر).. (رواه مسلم).