ندرك جميعاً بأن من أهم أهداف الوظيفة العامة هو تقديم الخدمة للمواطنين خاصة في الجهات الخدمية أو المرفقية كأجهزة التعليم والصحة والنقل والعدل والأمن والكهرباء والمياه والاتصالات والبلديات والخدمة المدنية ونحو ذلك.
ولذلك فإن المبدأ الإداري الذي يقول: (إن الرواتب والمزايا للأعمال وليست للأشخاص)، والمبدأ الإداري الآخر الذي يقول: إن (الوظيفة العامة تكليف وليست تشريفا) جاءا ليؤكدا هذه الحقيقة وهي أن هدف الوظيفة العامة الغالب هو خدمة المراجعين من المواطنين وغيرهم وذلك للأسباب التالية:
- أن الوظيفة تتسم بصفة العمومية لكونها مرتبطة بجهاز الدولة ولأنها لا تهدف إلى تحقيق الربح المادي كالوظيفة في القطاع الخاص.
- إن خدمة المراجعين من المواطنين وغيرهم تؤدي بطريقة غير مباشرة إلى خدمة الدولة فمثلاً المراجع الذي يهدف من مراجعته للجهة المعنية للحصول على موافقة لإقامة مجمع سكني أو تجاري، فهو بذلك يساهم في خدمة الاقتصاد الوطني، والمراجع الذي يسعى للحصول على موافقة لإقامة أحد المباني الحكومية الخاصة مثلا بالتعليم أو الصحة فهو يساعد الدولة في تحقيق إقامة مثل هذه المرافق الخدمية.
- إن الوظيفة العامة وجدت من أجل خدمة الوطن والمواطن وهو أحد مكونات الوطن المهمة، ولذا فإن خدمته تصب في مصلحة الوطن.
وانطلاقاً من ذلك فإن على أخي وزميلي الموظف العام أن يدرك بأن أولويات أهداف عمله هو خدمة المراجع بالطريقة اللائقة وأن يعتبر ذلك من ضمن أمانات الوظيفة التي يشغلها، وهذا الواجب يتطلب العديد مما ينبغي على الموظف التقيد به ومن ذلك.
- أن يستقبل الموظف المراجع بالبشاشة وطلاقة الوجه، وهذا يتمشى مع تعاليم ديننا الحنيف، ففي الحديث الشريف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) رواه مسلم.
- أن يتعامل الموظف مع المراجعين بالسواسية بألا يفرق بين مراجع وآخر بغض النظر عن معرفته الشخصية للمراجع من عدمه.
- أن يتعامل مع المراجع بالصدق والأمانة من غير تعتيم أو قلب للحقائق وذلك بأن يحيط المراجع بالمراحل التي مرت بها معاملته إذا كان ذلك من الأمور المتاحة.
- أن يتحلى الموظف بالصبر حيال نقد المراجع وإلحاحه لأن المراجع صاحب حاجة، وصاحب الحاجة ينظر دائماً للأمر من زاوية المصلحة الذاتية.
- أن يفْرد المعاقين وكبار السن بمعاملة تتناسب مع أوضاعهم.
- أن يقوم الموظف بالرد على استفسارات المراجعين التي تأتيه عن طريق الهاتف في حالة عدم وجود مكتب متخصص لذلك في الجهة التي يعمل بها، فالمراجع قد يكون خارج مقر الجهة التي توجد بها معاملته ويتعذر عليه الحضور لمتابعتها، أو قد يكون مريضاً أو كبيرا في السن أو أن المعاملة تخص إحدى المواطنات أو المقيمات ويتعذر عليها الحضور إلى إدارة ليست مخصصة للنساء. فيكون الهاتف هو البديل الذي عن طريقه يعرف هؤلاء المراحل التي وصلت إليها معاملاتهم.
أن التعامل مع المراجعين وفقاً للمبادئ السابقة سوف يعطي انطباعاً جيداً عن الموظف وعن جهة عمله, وسوف يعود ذلك على المراجع بالاطمئنان المعنوي حتى ولو لم يتحقق الهدف من معاملته لأنه سوف يشعر بأن الجهة التي توجد فيها معاملته قد بذلت جهدها لمساعدته ولكن ذلك لم يتحقق لعدم توفر الضوابط النظامية أو بعضها في معاملته مثلاً. وبعد فإن ما تقدم يتعلق بالموظف وكيف يتعامل مع المراجع، أما المراجع فإن عليه أيضاً واجبات ينبغي أن يلتزم بها عند مراجعته للتعقيب على معاملته ومن ذلك:
- أن يستشعر بأن الموظف الذي سوف يراجعه يعتبر أخاً له في العقيدة والمواطنة ولذا فإن عليه أن يحسن الظن فيه وأن يحسن التعامل معه.
- أن تكون مراجعته في الوقت المناسب بحيث يعطي الجهة التي توجد بها معاملته وبالذات الموظف الذي كلف بها الوقت الكافي لدراسة المعاملة لأن التأني في دراسة المعاملة قد يكون فيه مصلحة للمراجع قبل غيره.
- أن يلتزم بالأخلاق الفاضلة وألا يتلفظ على الموظف بكلمات نابية.
- إذا تبين له وجود إهمال من الموظف حيال معاملته فعليه ألا يواجه الموظف حول ذلك بل عليه أن يلجأ لرئيس الموظف ويعرض عليه الاشكالية التي تبينت له حول معاملته.
- إذا كان يوجد في الجهة أو المؤسسة التي توجد بها معاملته مكتب أو إدارة خاصة بخدمة المراجعين فعليه أن يقصدها مباشرة وليس الموظف الذي توجد لديه المعاملة لأن هذا المكتب أو الإدارة مكلفون باستقبال المراجع واستضافته في مكان مناسب وإفادته بما وصلت إليه معاملته، وإن كانت قد انتهت سوف يزود برقم وتاريخ الخطاب الذي صدرت به.