ليلة البارحة يسميها أهل مكة المكرمة بهذا الاسم كناية عن اختلافها التام عن الليلة التي كانت قبلها ولخلود الناس إلى مهاجعهم باكرين بعد يوم اتصل بليله استقبالا للعيد.
هذه المعلومة التقطتها من والدي -رحمه الله- الذي عاش سنوات في مكة في الشروق الأول من عمره حتى أخذ منها اللهجة والطريقة والحكايات التي رافقتني معه حتى اختاره الله قبل نحو خمسة أعوام.
ولأن أمس هو الأول أيام عيد الفطر فقد عادت ذاكرتي سنوات للوراء حين كان العيد صيفاً في ظروف كانت وما زالت عالقة في ذهني أرجو الله أن تعود فلا تطيعني وظل الواقع الذي نعيشه اليوم مفككاً كئيباً لا يوحي بأننا في عيد لولا رسائل هاتفية تنهال كالمطر جامدة لا رائحة لها ولا طعم تصل الواحد منا في غمضة عين ضمن مجموعة من المستقبلين.
فيما مضى لم يكن بيتنا يهدأ من زواره عيداً وأنتم أيضاً، واليوم أصبح العيد كله محشوراً في (رسالة)، ثم بعدها نواصل مشوارا من الركض وراء عمل لا يصمت ومشاغل جعلناها شماعة علقنا عليها برودنا وغلفناها بعاصفة ترابية من الهجران والقطيعة.
لا أعلم: لماذا يسكنني شعور أن الأطفال أيضا سينالون نصيبهم من هذا البرود باستقبال العيد وسيأتي يوم يكون العيد لهم كأمس لا طعم له ولا رائحة وسنجني عليهم مثلما جنينا على أنفسنا.
رحم الله والدي والأيام التي مضت؛ فقد كان يحيي عيدنا بصوته الجهوري وعطره الذي ما غادرني وتهليله الذي كان يشق الصفوف ليأخذ طريقه إلى السماء، وكل عام وأنتم بخير.
m. alqahtani@al-jazirah. com. sa