منذ تسعة وسبعين عاماً كان تاريخ العالم مع موعد تاريخي حيث وقف العالم أجمع ليشهد مولد دولة فتية وصرح مشيد من التوحيد والعزة والكرامة، فارتفع في يوم الأول من الميزان نجم مملكة واعدة فتية قامت على التوحيد، وتكونت على الوحدة والتكاتف، وتأسست على شريعة الله ديناً ونهجاً خاتماً في هذه الحياة، قامت المملكة العربية السعودية، وأعلن ميلادها على أرض الجزيرة العربية لتعلن للعالم من حولنا أن ما قام على دعائم الإسلام، وما تأسس على كلمة التوحيد هو نجم ساطع وشمس مشرقة سيظل وهيج نورها يسطع في الآفاق ويشرق بضيائه في ميادين الخير والعطاء، ويكون له شأنه في عالم التنمية والرخاء الحق والسلام.
في مثل هذا اليوم منذ تسعة وسبعين عاماً بدأت مسيرة البناء الشامخ الذي شيد وأسس أركانه الملك المؤسس عبدالعزيز طيب الله ثراه ، وأكمل البناء والمسيرة من بعده أبناؤه البررة الأوفياء، وظل هذا البنيان شامخاً في علياء التنمية والتطور، وله صولاته وجولاته في حقول الخير والرخاء، وارتفع اسم هذا الوطن عالياً ورفرفت رايته خفاقه تزينها كلمة التوحيد، وتفتحت ميادين التنمية التي ازدهر عطاؤها، وتنوعت ثمراتها تبني المواطن في جميع المجالات تعليماً وصحة، وثقافة، ورعاية اجتماعية، وتنشر خدماتها على ربوع الوطن في كل الميادين، وارتبطت مدن المملكة بشبكة حديثة من المواصلات والاتصالات، وتعمرت الصحارى والقفار، وامتدت التنمية لتطول كل ما يتصل بحياة الإنسان، وانتقلت المملكة بمدنها وقراها وهجرها من حالٍ إلى حال، وصارت تجربتها في التنمية الشاملة السريعة والمتوازنة مضرب المثال، فقد تحقق لهذا الوطن أمنه وأمانه بصورة هي معجزة بكل المقاييس، ومن يراجع الدراسات والبحوث التي تناولت حالة الأمن في المملكة قبل توحيدها على يد صقر الجزيرة يرحمه الله يُدرك حجم الإعجاز وضخامة الإنجاز الذي تحقق في المجال الأمني مما كان له كبير الأثر وأبلغ التأثير في توفير الأمن وبسط مظلته على ربوع الوطن، فسارت مواكب التنمية في أمان، بالخير، حافلة بثماره وزهوره وصارت المملكة - ولله الحمد - مصدر اطمئنان للعرب والمسلمين ولمختلف أنحاء المعمورة في ميادين الإغاثة والنجدة والكرم والتعاون، وأصبح اسمها يقترن - وبكل فخر - بهذه الميادين التي تبرز فيها اليد المعطاءة لهذا الوطن.
لقد أصبح لوطننا مكانه على الساحة الدولية بفضل الله تعالى ثم بحكمة قيادتنا الراشدة التي سارت على نهج المؤسس يرحمه الله، فتفتحت لها وبها ميادين الخير والفلاح وسخرت إمكاناتها وقدراتها للوفاء بما شرفها الخالق سبحانه وتعالى بخدمته، في مكة المكرمة والمدينة المنورة فيسرت على الحجاج والمعتمرين أداء مناسكهم، وتواصلت توسعة الحرمين الشريفين، وإقامة المشروعات العمرانية العملاقة لخدمة ضيوف بيت الله الحرام ومن يشدون الرحال إلى مسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأصبحت رحلة الحج أو العمرة محاطة - ولله الحمد - بالأمن، ومزدانة بالاطمئنان، ويحفها الكرم والاهتمام من كل جانب، وصارت ألسنة الحجيج والضيوف خير شاهد على ما تحقق للمملكة من تنمية معاصرة، وخير ناطق وشاهد بما تقدمه لضيوف البيت العتيق وزوار المسجد النبوي من رعاية واهتمام وكرم تتفانى في تقديمه كل وزارات الدولة ومؤسساتها وهيئاتها ومن بينها وزارة الحج التي تهتم دائماً بالضيف الكريم حتى قبل وصوله إلى الديار المقدسة إيماناً منها بامتداد مظلة خدماتها إليه لتشمله رعايةً واهتماماً تنفيذاً لتوجيهات القيادة المخلصة الرشيدة.
إن يومنا الوطني وذكراه الغالية تجدد في نفوسنا جميعاً ذلك الوفاء لهذا الوطن الذي نعتز بانتمائنا إليه، ويسري في دمائنا شرف الانتماء إليه، كما تتجدد في النفوس ذكريات عدل ذلك المؤسس الذي سيظل اسمه شامخاً رمزاً للبناء وعنواناً للعمل المخلص الدؤوب، إنه عبدالعزيز - يرحمه الله - الذي أذهل المؤرخين والباحثين بعبقريته الفذة، وكان انتصاره إيذاناً بعصر جديد، ها نحن نعيش ثمراته ونتائجه، فليكن اعتزازنا بذكراه تمسكاً بالوطن، وإخلاصاً لولاة الأمر فيه، ولنجعل هذا الإخلاص سلوكاً في عملنا في مختلف مواقع المسؤولية والعمل، فوطننا في حاجة إلى فكر أبنائه وسواعدهم وعقولهم وإخلاصهم ليستمر مشرقاً وضاءً في سماء المجد وتظل رايته خفاقة عالية ناطقة بالتوحيد وشاهدة على عظمة البناء.
ندعو الله أن يحفظ علينا ديننا وأمننا وولاة أمرنا وأن يجعل هذا الوطن آمناً مطمئناً.
(*) وكيل الوزارة بوزارة الثقافة والإعلام – سابقاً