يوم الأول من الميزان، الموافق 23 من شهر سبتمبر هو يوم عزيز على قلوبنا، إذ يصادف ذكرى تأسيس كياننا، الكيان السعودي الشامخ، عندما سطر التاريخ بأحرف من نور إعلان مولد المملكة العربية السعودية، عام 1351هـ بعد أن أتم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ملحمة توحيد جميع أجزاء البلاد، التي امتدت على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض في الخامس من شهر شوال 1319هـ، المصادف للخامس عشر من شهر يناير 1902م.
ومنذ ذلك اليوم المبارك، شهدت هذه الأرض الطاهرة مسيرة نماء وعطاء، وقصة محبة ووفاء جرت فصولها بين قادة بلادنا الميامين، وإخوانهم وأبنائهم من المواطنين، أرسى دعائمهم الملك المؤسس - رحمه الله - ليسير على نهجه من بعده أبناؤه البررة الملوك رحمهم الله جميعاً، وصولاً إلى عهدنا الزاهر الذي ننعم فيه هذا اليوم بالأمن والنماء برعاية قائد المسيرة الخيرة، ملك الإنسانية وملك القلوب الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، يسانده ويعضده، سلطان الخير والعطاء، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، حفظه الله ورعاه، ومعهما أسد الأمن والأمان، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رعاه الله.
فها نحن اليوم نعيش الذكرى التاسعة والسبعين على تأسيس وطننا العزيز، الذي أسس بنيانه على التقوى وإقامة شرع الله ونشر القيم الإسلامية الراسخة، ونعيش تحقق أحلام الآباء والأسلاف، لننعم بوطن ملؤه المحبة والسلام والاستقرار، وقادة همهم رفع كلمة التوحيد وخدمة الإسلام والمسلمين في كل أرجاء الأرض، وتحقيق التنمية الشاملة لإنسان هذه البلاد الطاهرة؛ فقد حققت بلادنا بفضل من الله في ظل قيادتنا الرشيدة قفزات كبيرة في مختلف المجالات التنموية، وقطفنا ولا نزال نجني ثمار تلك النهضة ولله الحمد.
إن الحديث عن جوانب النهضة الشاملة التي نعيشها في بلادنا الغالية لا يمكن أن يحتويه أو يستوعب فصوله مقال، فلعلي هنا أسلط بعض الضوء بالإشارة إلى شيء مما حظي به قطاع التعليم العالي من رعاية واهتمام، إذ شهد هذا القطاع قفزات هائلة، فأصبح لدينا اليوم خمس وعشرون جامعة حكومية، بعد أن صدرت مؤخراً موافقة المقام السامي الكريم على تأسيس أربع جامعات جديدة.
فعمت سحابة الخير كل أرجاء الوطن، ومنها منطقة الرياض ذات الكثافة السكانية العالية التي تحظى برعاية ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، حيث حظيت المنطقة بإنشاء ثلاث جامعات جديدة، لتخفيف الضغط المشهود على الجامعات فيها ورفع كفاءة التعليم العالي بما يواكب حاجة البلاد ويلبي متطلبات سوق العمل، وهذا يجسد اهتمام القيادة الكريمة رعاها الله بتحقيق فرص التعليم لكل المواطنين، ومنهم أبناء هذه المنطقة العزيزة.
وقد كان لمحافظتنا، ثادق، نصيبها من هذا العطاء الكريم من قيادتنا الرشيدة، بموافقة المقام السامي الكريم على إنشاء كلية العلوم والدراسات الإنسانية بمحافظة ثادق، لتستقبل الدارسين والدارسات من أبناء المحافظة وقاطنيها عما قريب بإذن الله في مختلف التخصصات العلمية والإنسانية، وهذه المكرمة السامية حققت بحمد الله حلماً طالما راود الأهالي وقاطني المحافظة، نظراً لما عانوه بسبب عدم وجود فرص الدراسة لمرحلة ما بعد الثانوية العامة لأبنائهم وبناتهم في السابق، الأمر الذي اضطر العديد منهم إلى ترك المحافظة، ولو مؤقتاً، والتوجه إلى المدن المجاورة ليحظى أبناؤهم بفرص التعليم، فيما اضطر بعضهم الآخر إلى تكبد عناء السفر اليومي الطويل لأقرب كلية، بحثاً عن فرصة التعليم العالي لأبنائه، ناهيك عمن حُرموا من الدراسة بسبب مشقة البعد والترحال.
نحمد الله أن منّ علينا بقيادتنا الرشيدة التي حرصت في كل مراحل تاريخها المجيد، ولا تزال تحرص على تلمس حاجات المواطنين والمقيمين على أرض بلدنا الطاهر في كل المناطق والمحافظات، وتولي رفاهية المواطن وأمنه كل اهتمامها ورعايتها، لننعم بحمد الله بما نعيشه من أمن ونماء وازدهار واستقرار. بل وامتدت أياديها البيضاء لمختلف أصقاع الأرض خدمة لقضايا الإسلام والمسلمين، ورفعة شأن الأمتين العربية والإسلامية. أسأل الله أن يكلأ بلادنا وقادتنا الميامين بعنايته ورعايته، ليمضوا على نهجهم القويم، في طريق الخير والنماء، بعزيمة الرجال التي لن يضرها غدر غادر أو كيد عدو متربص.
ففي الوقت الذي راعنا وأقض مضاجعنا ما تعرض له صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد سمو وزير الداخلية من محاولة اغتيال غادرة من أحد أزلام الفئة الضالة الخائنة، التي باعت دينها ووطنها وضميرها للأعداء والأشرار، أقول في الوقت الذي آلمنا هذا الأمر وكدرنا جميعاً، إلا أننا وبحمد الله نعيش اليوم الذكرى السعيدة التاسعة والسبعين ليومنا الوطني الخالد، تعمنا معها بهجة أخرى هي فرحتنا بسلامة درع من دروع الوطن وركن من أركان أمنه، فهنيئاً لنا بكبت عدونا، وحمداً لله على سلامة سموه، فقد سلمنا وسلم الوطن والمسلمون بسلامته بفضل من الله عز وجل.
ولعلي من هذا المنبر المبارك أهيب بألا ندع هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا تمر دون أن نتأمل حاجة وطننا إلى جهود أبنائه في مختلف المجالات، مستذكرين الكفاح الملحمي الذي سطره التاريخ في صفحاته المضيئة لمؤسس هذا الكيان ورجاله الأوفياء، والذي يجني ثماره الإنسان السعودي على هذه الأرض المباركة؛ كما ينبغي أن نستشعر ما يدخره الوطن من خيرات وفرص العمل والنشاط البناء، وما يجب على كل واحد منا أياً كان موقعه ومجاله، للرقي بهذا الوطن العزيز، فللوطن حق على أبنائه، بالحركة الدؤوبة والجد والكفاح، سواء في كسب العلوم النافعة أو العمل الجاد في مختلف المناشط، والحفاظ على مقدرات الوطن ومكتسباته، وحمايته وأبنائه من كيد الكائدين وطمع المتربصين، وأن نفديه بكل غالٍ ونفيس لنحميه ونفوت الفرصة على كل شرير متربص يحاول عبثاً إيذاء الوطن أو الضرر به.
وختاماً نهنئ قيادتنا الرشيدة وإخواننا المواطنين بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، داعين الله عز وجل أن يحفظ لنا بلادنا، وأن يديم علينا نعمة الرخاء والأمن والاستقرار تحت ظلال راية التوحيد الخالدة، كما نهنئ أنفسنا في هذا اليوم المجيد، يوم الوطن، على قيادتنا ورفعة بلادنا.
عضو المجلس المحلي بمحافظة ثادق