د. حسن الشقطي(*) :
يأتي اليوم الوطني لهذا العام بإنجازات اقتصادية فردية واستثنائية ربما يعد عدد منها بمثابة إنجازات تاريخية تحدث لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية.. فقد شهدت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، طفرة جديدة في أنشطة ومشاريع واستراتيجيات وسياسات اقتصادية تحمل في طياتها خيرا ونماء ورخاء وتحديثا لكافة الجوانب والمجالات الاقتصادية للمملكة.. وذلك في طريق تواصل المسيرة واستمرار البناء لتأسيس المملكة كدولة حديثة باتت تحتل مكانة اقتصادية مرموقة ليس على مستوى آراء إعلامية ولكن على مستوى مكانة رسمية في قمة العشرين الاقتصادية وغيرها.. فما هي هذه القمة؟ وكيف استحقت المملكة هذه المكانة المرموقة والثقل الاقتصادي للانضمام إلى مثل هذه القمة العالمية؟
إنشاء قمة العشرين
نشأت مجموعة العشرين في عام 1999 بناء على مبادرة من مجموعة الدول السبع (الدول الصناعية الكبرى)، بحيث تضم تجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة لمناقشة الموضوعات الجوهرية التي تهم الاقتصاد العالمي. وقد جاء إنشاء هذه المجموعة كمنتدى عالمي للاعبين الكبار في الساحة الاقتصادية لمجابهة الأزمات المالية المكررة في التسعينات من خلال تعزيز التضافر الدولي، وترسيخ مبدأ الحوار الموسع. ويمثل هؤلاء اللاعبون نحو ثلثي التجارة في العالم وما يزيد عن 90% من الناتج العالمي الخام. وقد برز هذا التوجه من جراء اعتراف الدول الصناعية السبع الرئيسية بارتقاء وزيادة ثقل دول ناشئة معينة ووصولها إلى حد التأثير السلبي إذا لم تشارك في صناع القرار العالمي. وتمثل مجموعة العشرين حوالي 80% من الاقتصاد العالمي. وتتألف مجموعة العشرين من الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، المكسيك، روسيا والمملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، كوريا الجنوبية، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، بمشاركة كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ورئاسة الاتحاد الأوروبي ورئيسي اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية ولجنة التنمية. وقد عقدت المجموعة أول قمة لها بعد الأزمة في 15 نوفمبر 2008 في واشنطن. ثم عقدت قمتها الثانية في لندن في الثاني من أبريل 2009
الاعتراف بمعايير الثقل الاقتصادي الجديدة وراء اختيار المملكة في قمة العشرين
في ضوء اعتراف كافة الحكومات في الدول الصناعية الكبرى أن حدود الأزمة المالية العالمية الراهنة تفوق القدرات الوطنية لها جميعا، فقد عزمت واتفقت هذه الدول على توحيد الجهود والتنسيق فيما بينها لكي لا تنتشر سموم الأصول الفاسدة من دولة لأخرى. لذلك، فقد عزمت الدول الصناعية الكبرى على عقد قمتها في شكل استثنائي في نوفمبر الماضي لبحث سبل وحلول عاجلة وقوية وفعالة لمجابهة هذه الأزمة الطاحنة.. إلا إن مجموعة السبع الصناعية الكبرى ارتأت أنها وحدها غير قادرة على تصميم حلول فعالة لهذه الأزمة.. لذلك، فقد عزمت على توسيع نطاق قمتها بمجموعة أكبر تفوق السبع أو الثمانية المعهودة.. هنا خرجت هذه الدول السبع من نطاق محدوديتها لتضم 13 دولة أخرى تم اختيارها بناء على معايير تشير إلى أن هذه الدول معا قادرة على صياغة حلول مؤثرة في الاقتصاد العالمي ككل. لذلك، فقد جاء اختيار هذه الدول الجديدة بحيث تضم أغنى وأكبر الاقتصادات الناشئة في العالم. وإذا بعض الدول الثلاثة عشر كانت محل الاختيار منذ فترة طويلة مثل الصين والهند، إلا إن دولا أخرى بزغت خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهي المملكة العربية السعودية، التي ظهرت ككيان اقتصادي يفوق نطاق المحلية إلى الإقليمية، وبل إلى التأثير في الاقتصاد العالمي ككل من خلال السياسة النفطية التي يتبناها، والتي بات واضحا أنها تؤثر في السعر العالمي للنفط، وبالتالي تؤثر في العرض والطلب العالمي منه، ومن ثم تترك تأثيرها الواسع على الطلب الاقتصادي العالمي ككل، وبالتالي تؤثر في حركة النشاط الاقتصادي في العالم.
تحول مجموعة العشرين إلى قمة العشرين
تزامن دخول المملكة إلى مجموعة العشرين إلى تحولها من مجرد مجموعة إلى قمة، أي تحولها من اجتماعات وزارية على مستوى وزراء المالية تقريبا إلى اجتماعات قمة على مستوى رؤساء وملوك الدول، حيث اجتمع في 15 نوفمبر 2008، ولأول مرة في تاريخها، رؤساء الدول والحكومات وليس فقط وزراء المالية.
(*) محلل اقتصادي : Hassan14369@hotmail.com