يأتي اليوم الوطني لهذا العام 1430هـ بعد أقل من شهر على حدث إرهابي للفئة الضالة التي خرجت على ولي أمرنا، وشقت صف وحدتنا وقامت بتكفير المسلمين، وترويع الآمنين، وزعزعة الأمن وقتل النفس المعصومة، وهو ما حدث في السادس من شهر رمضان المبارك هذا العام حينما قام أحد المنحرفين من أرباب الفكر الضال بقتل نفسه تفجيرا في مجلس سمو الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية، حينما استقبله سمو الأمير بكل أريحية وفرح بتوبته التي تظاهر بها وهو يخفي ما انطوت عليه نفسه الشريرة من استهداف سمو الأمير كرمز من رموز هذا الوطن الشامخ.
ونحن نحمد الله سبحانه وتعالى على نجاة سمو الأمير وسلامته من عدوان الغدر والخيانة من هؤلاء الجبناء الذين قلبوا قيم الدين الصافية إلى تكفير وتفجير وإرهاب، ونحمده على هذه اللحمة العظيمة بين القيادة الحكيمة في بلادنا وبين شعبها، والتي ترجمها خادم الحرمين الشريفين بزيارة سمو الأمير للاطمئنان على سلامته وعافيته من شر هؤلاء الخوارج الذين لا يقيمون العهود والمواثيق، ونحمده على تلك الأصداء الوطنية من شعب المملكة الذي روعه هذا الحدث في هذا الزمان الفاضل، ولكنه لم يمنعه ولله الحمد من أن يفرح فرحا كبيرا برؤية سمو الأمير مع خادم الحرمين الشريفين على شاشات التليفزيون والقنوات الفضائية.
كما نشكر الله سبحانه وتعالى أن اظهر للناس من هذا التفجير الخبيث ما سار عليه أرباب الفكر الضال من فكر ضال وبعد عن شريعة الله عز وجل ودينه القويم، وسعي في الأرض بالفساد، فكشف للناس استهدافهم للمسلمين واستباحة دمائهم ونبذ الأمان والعهود وخيانة المواثيق، وهم الذين يزعمون لأنفسهم الصلاح والإصلاح. فأكدوا بفعلتهم هذه خروجهم على دين الله، وخروجهم عما جاء في كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
لقد رد الله كيد هذه الفئة الضالة في نحورهم وجعل تدبيرهم في تدمير أنفسهم، فلم يصب من تفجير هذا المنتحر لنفسه أحد بأذى رغم قوته وخطورته، وهذا يدل على حفظ الله تعالى لعباده المؤمنين ولهذه البلاد وعنايته بها، بالإضافة إلى بشاعة المنتحر الذي زين لنفسه سوء العمل، فصرعها مصرع السوء، كما شاهده الجميع عبر وسائل الإعلام.
إن هذا الحدث لن يزيدنا في هذه الوطن إلا صمودا واجتماعا أمام فئات الضلال والتدمير، وهو ما عبر عنه محمد بن نايف والوطن كله محمد بن نايف.
ألم يعلم هؤلاء الإرهابيون أن الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه كله محمد بن نايف، وأنه يتشرف أن يكون كذلك، لأن محمد بن نايف رمز من رموز وطننا المبارك وطن الإسلام والأمن والأمن، وقد ضرب مثالا رائعا وفريدا في القرن الواحد والعشرين، فهو مثال للإنسان الراقي المتسامح المحب للخير، وللمواطن الصالح، وللمسؤول المخلص لدينه وأمن بلاده واستقراره، وللمسلم الذي يصدق في حديثه ويفي بالعهد ويعطف على الصغير والكبير والمرأة والرجل، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، حفظه الله وجعله أمام عينيه فحفظه الله ونجاه من غدر الغادرين، عرف الله في الرخاء فعرفه الله في الشدة.
إن المتأمل في كلمات سمو الأمير للشاب المنتحر تضمنت توصيات شرعية وأخلاقية: اجعل الله أمام عينيك، عليك مراعاة والدتك ووالدك وبرهما، لا يستغلك المجرمون، يهمني أمركم، يهمني أمر المرأة وأطفالها جميعا... الخ.
تلك التوصيات الحانية التي وجهها سموه صادرة عن إخلاص وصدق مع الله ومع الناس فكانت السلامة لسموه بعناية إلهية والحمد لله.
لقد ضرب الأمير محمد بن نايف أروع المثل باتصاله على والد ووالدة الشخص الذي أراد به سوءا وقدم لهما التعزية وواساهما في مصيبتهما المضاعفة، فهي ليست في موته فقط بل في انحرافه ووقوعه في شراك الفئة الضالة التي قامت بغسل أفكاره وتلغيم أحشائه والخروج على ولي الأمر، فكان موقفا في قمة النبل والتواضع وتفهم الأمور على حقيقتها.
وإن من يعمل مثل هذا العمل لهو إنسان رائع ومثال يحتذى في المحبة والعفو.
حق لنا أن نقول: كلنا محمد بن نايف، والوطن كله محمد بن نايف، وسيستمر الوطن في مسيرة الخير والنماء وفي ركب الحضارة متمسكا بشريعة الله السمحة وعقيدة الإسلام الصافية.
ولقيادتنا الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز والنائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز بالغ الشكر والتقدير، على ما يولونه للوطن والمواطن من رعاية واهتمام وحرص على تحقيق الأمن والأمان والرخاء والاستقرار وما يبذلونه للمملكة وشعبها من دعم مادي وجهود كبيرة تسير بنا إلى التطور والتقدم الذي يواكب العصر ويواجه تحدياته.
ونهنئ قيادتنا الرشيدة ونهنئ الوطن جميعا بسلامة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ونجاته من يد الغدر والخيانة.
نسأل الله تعالى أن يحفظ مملكتنا مملكة الإنسانية من كل شر ومكروه وأن يديم عليها دينها وأمنها واجتماع كلمتها وأن يفيض عليها من خيراته ونعمه في ظل قيادتنا الرشيدة حفظهم الله.
(*) وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية