لا شك أننا نعتز جميعاً بيومنا الوطني الخالد، حيث يعتبر اليوم الحادي عشر من جمادى الاولى عام 1351هـ من الأيام الخالدة في تاريخنا وفي وجدان الشعب السعودي.
نعم إنها ذكرى تاريخية تتجلى فيها أسمى آيات التلاحم والتكاتف بين القيادة والشعب، إنها ذكرى ذلك اليوم الأغر الذي توج فيه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ملحمة كفاحه وجهاده البطولي حتى تم الإعلان عن قيام المملكة العربية السعودية بفضل من الله تعالى ثم بشجاعة وفطنة الملك عبدالعزيز رحمه الله، والرجال الأوفياء المخلصين من ابناء هذا البلد المعطاء.
وهو اليوم الذي علت فيه كلمة الحق.. ويمثل هذا اليوم ذكرى عطرة يحتفل فيها المواطن السعودي بالنمو والتطور والازدهار لجميع مرافق الدولة بفضل الله ثم جهود مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز يرحمه الله وأبنائه البررة الميامين حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظهم الله، الذين جعلوا الشريعة الإسلامية منهاجاً لهذه البلاد في جميع أمورها وسعوا إلى تحقيق الأمن والاستقرار للبلاد ليعم بذلك الرخاء والرفاهة في كافة أرجاء الوطن.. ومع ذكرى هذا اليوم يتجدد ولاء الشعب نحو قيادته ويزيد ارتباطه بالوطن العزيز.
إن الاحتفاء بتوحيد هذا الكيان الشامخ هو احتفاء يشعر معه المواطن بالفخر لهذا الإنجاز الفريد الذي تحقق لذلك البطل المؤسس في معجزة وملحمة تاريخية قل أن تجد لها مثيلاً في تاريخ العالم الحديث حيث أصبح هذا الكيان كياناً ذا احترام وهيبة على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية.
وأبناء الملك عبدالعزيز - رحمه الله - استطاعوا مواصلة المسيرة بكل اقتدار، وحولوا هذه الجزيرة إلى حضارة شامخة وأمن قوي، وكرسوا جهدهم لخدمة الدين والمسلمين، كما أكدوا أن هذه اللحمة بين القيادة والشعب وهذا الحب الصادق والوقوف في وجه الأشرار لن يزيد هذه البلاد وأهلها إلا قوة وصلابة للحفاظ على عقيدتهم ووحدتهم وأمن مواطنيهم والمقيمين على أرض المملكة.
وما تشهده المملكة من تطور ونماء يعبر بوضوح عن عظمة النهضة الحضارية التي تعيشها بلادنا الغالية في هذه الفترة المتميزة من تاريخها الحديث في كافة الميادين والمجالات، فخطط التنمية ترسم وفق دراسات علمية دقيقة لبناء وطن يسوده الرخاء ويظلله الأمان، هو بناء الإنسان ورعايته والعناية به ليؤدي دوره الحضاري المأمول من خلال امتلاكه أدوات ووسائل النمو والتطور لإعمار هذا الكون الذي استخلفه الله فيه.
وإذا كان العطاء والنماء عم أرجاء بلادنا الغالية، فإن هذا نتيجة أن هناك جهوداً جبارة لرجال عملوا بصمت، وحلقوا ببلادنا الغالية إلى مصاف الدول، وفي زمن وجيز، قياساً بأعمار الدول، فـ(79) عاماً قليلة في عددها، كبيرة في إنجازاتها، لاسيما لو عرفنا ذلك الحجم الهائل من المساحة الجغرافية، والتي تربوا على المليونين من الكيلو مترات، وطن مترامي الأطراف، تجد أبناءه يرفلون برغد العيش، بفضل ما أفاء الله به على هذه البلاد من النعم، التي من أجلها وأجملها وجود أقدس البقاع بين ظهرانيها وما شرف الله به قادة هذه البلاد لخدمتها وشرف شعبها لخدمة حجاج بيت الله والمعتمرين والزائرين.
بعدها تأتي النعم الاقتصادية الهائلة والتي تتطلب قوة هائلة لحمايتها بعد الله، وهذا وما فق الله به قادة هذه البلاد من إعداد وتجهيز جيش قوي انتقل من قوات بدائية إلى قوات يحسب لها ألف حساب، في عمر وجيز، وها هي قواتنا المسلحة تسابق الزمن كل يوم للأخذ بأحدث ما لدى الآخرين لبناء نظام دفاعي متقدم وإيجاد المرافق الأساسية التي ساهمت وستساهم في أي وقت وأي حين في الدفاع عن ثرى بلادنا الغالية، وإنه لمن حسن الطالع أن يحمل سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام مسؤولية وزارة الدفاع منذ عهد الملك سعود بن عبدالعزيز مروراً بالملك فيصل، الملك خالد، الملك فهد، عليهم رحمة الله ووصولاً إلى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية، وقد عايش سموه الكريم تأسيس وبناء القوات المسلحة وفق منهج دقيق، وساير تطورها في كافة الخطط الخمسية للدولة، مما أضفى على وزارة الدفاع ثوب اللحاق بركب العلم، والتكنولوجيا، بجلبه لمختلف أنواع الأسلحة ومن كافة أصقاع الأرض، متبوعة بنظم الصيانة، وطواقم التدريب، حيث تم تأهيل المقاتل السعودي تأهيلاً عالياً، ليتعامل مع هذه الأسلحة وفق نظام دقيق، ناهيك عن الدور المتميز لوزارة الدفاع والطيران والمفتشية العامة في الدفع بعجلة التنمية في بلادنا الغالية، فها هو القطاع الصحي ينعم بما تقدمه الخدمات الطبية للقوات المسلحة مشاركة لوزارة الصحة في مهامها الجليلة لتقدم كافة الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين من خلال منظومة من المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة التي تنتشر في معظم مناطق المملكة كما أن الوزارة أخذت على عاتقها المساهمة في التنمية التعليمية مشاركة لوزارة التربية والتعليم من خلال ست كليات عسكرية متخصصة، إحداها تمنح درجة الماجستير في العلوم العسكرية أضف غلى ذلك العديد من المعاهد والمراكز والمدارس التابعة للقوات الأربع، كما أن الوزارة أخذت على عاتقها المشاركة في البناء التربوي من خلال (164) مدرسة أبناء للبنين والبنات، ولمختلف المراحل وفي كافة المناطق العسكرية يدرس بها الألاف من أبناء وبنات منسوبي وزارة الدفاع.
وأخيراً لا يفوتني الدور الحضاري والاجتماعي الهائل الذي قامت به المجمعات السكنية في المناطق والقواعد والأساطيل ومجموعات الدفاع الجوي، والتي ساهمت بدروها في تنمية المدن القائمة نتيجة ضخ السيولة المادية في هذه المدن مما انعكس على الوضع الاقتصادي، وللتعليم الفني والتدريب المهني باب آخر من خلال إعداد الشباب السعودي المؤهل فنياً في مجال التصنيع من خلال المعهد الفني للمؤسسة العامة للصناعات الحربية.
نحمد الله على هذه النعمة أولاً وأخيراً والشكر الجزيل لولاة أمرنا على هذا العمل بصمت وبحكمة، مقروناً بالدعاء إلى الله جلت قدرته أن يتغمد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود بواسع رحمته على ما قدم لأمته ولهذا الوطن الغالي، من تضحيات ها نحن نجني ثمارها، حقاً إنها أعوام قليلة وإنجازات كثيرة، حقاً إنه يوم مجيد لوطن عتيد.
(*) المدير العام لإدارة الشؤون العامة للقوات المسلحة