اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يوم مميز لا في حياة كل مواطن بل في حياة كل عربي ومسلم، ذلك لأن هذا اليوم لم يكن لإعلان الاستقلال عن الاستعمار كما حدث في الدول الأخرى، بل كان إعلان وحدة وطنية شملت معظم أجزاء الجزيرة العربية، ولا تزال إلى اليوم هذه الوحدة الوطنية تمثل أنجح وحدة عربية عرفها العرب في تاريخهم الحديث، وهذه الوحدة التي حققها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- هي أول إعلان في العصر الحديث لقيام دولة عربية تجعل من القرآن دستوراً لها وحكماً لها في أمور دينها ودنياها، ولهذا فإن هذا اليوم يهم المسلمين أيضاً.
وقد ارتبطت ذكرى اليوم الوطني السعودي منذ عهد الملك المؤسس -رحمه الله- بالإنجازات والأعمال المفيدة للشعب والأمة، ولم يربط حكام هذه البلاد اليوم الوطني بالاحتفالات والأهازيج التي لا تقدم لشعبهم شيئاً وأصبح اليوم الوطني في ذهن كل مواطن دفعة إلى الأمام وخطوة نحو تحقيق المزيد من الأهداف التنموية ومزيد من الرقي والرخاء والأمن والسلام.
هكذا كانت عهود الملوك الكرام سعود وفيصل وخالد وفهد -رحمهم الله جميعاً- فلما أطل علينا هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- فكان سحابة خير هطلت بالبركة على كل شيء في هذا الوطن فاخضر وأزهر. وقد جعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خدمة العلم وبناء صروحه والإنفاق عليه بلا حساب من أولويات عهده، ثقة منه -حفظه الله- بأن العلم من الإيمان، والعلم حضارة، والحضارات التي تقوم على الإيمان والعلم لاتفنى ولا تذوب، والحضارات التي تقوم على المادة وحدها تنتهي بزوال أسباب هذه المادة.
ولهذا اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ببناء الجامعات ودعمها، ففي عهده المبارك شهدنا أول جامعة للمرأة جامعة الأميرة نورة، وشهد تبرعه السخي بالكراسي العلمية للجامعات الحالية، وشهدنا توسع التعليم في الداخل ومد جسور الابتعاث إلى الخارج تمتد بلا حدود، وزاد عدد الجامعات من ثماني جامعات إلى أكثر من عشرين جامعة. والآن يوافق يومنا الوطني افتتاح واحدة من مكارمه الجم، ويأبى إلا أن تكون المكرمة صرحاً علمياً عن قصد لأن خدمة العلم أعلى مراتب الوطنية.
نعم جامعة الملك عبدالله تفتتح في هذا اليوم الوطني فتكون أعز هدايا المليك على قلبه يقدمها لشعبه، وما أكثر ما قدم، لكن جامعة الملك عبدالله هدية مميزة في يوم مميز يرسل فيها المليك رسالة إلى شعبه يقول فيها إن العلم هو المستقبل، وهذه الجامعة أحد مصانع الأجيال القادمة.
رائع أن يكون الاهتمام بصناعة المستقبل من هدايا اليوم الوطني لهذا الشعب الوفي، وأروع أن تلك هدية المليك للمستقبل هي العلم إيماناً منه بأن العلم ثروة لا تنفد، ومستقبل واعد لا تكدر صفحته تقلبات الأيام وغدر الزمان.
فهنيئاً لنا جميعاً بهذه المكرمة في هذا اليوم يوم المكارم، وبارك الله في جهود قائد مسيرتنا ونهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز وكل قيادة هذا الوطن الرشيدة، وأخص بالذكر سمو أمير نجران الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي لا يدخر جهداً في تطوير المنطقة والارتقاء بها وفق توجيهات القيادة الحكيمة.. وفقهم الله وسدد خطاهم.