بالأمس هاتفني أحد الشباب يستصرخني لنشر معاناته مع أعداء السعودة، حيث يقول مدللاً بالوثائق أنه طُرد من عمله دون أن يذكروا له السبب، حيث هاتف مسؤولين (احتفظ بأسمائهم) ولم يفيدوه بسبب الاستغناء عن خدماته، وهذا من أبسط حقوقه. والحقيقة أنني تفاعلت مع الشاب لثقتي بما يقول من ناحية، ولتكرر مثل هذه الحالات والاتصالات من ناحية أخرى، وأسررت في نفسي أنه ربما حُرم من دخل شهري يعول به أسرته، ولكنه صارحني قائلاً إن الراتب ألفا ريال فقط، وهو لا يسمن ولا يغني من جوع، ولكني سأصعد الموقف لشعوري بالظلم والقهر ليس إلا، فالمسألة في النهاية هي محاربة للسعودة ليخلو الجو لهؤلاء الوافدين، كما يعتقد جازماً، نتيجة مواقف وقرائن تؤيد ما يرمي إليه. نسيت أن أذكر لكم أن هذا الشاب يحمل الشهادة الجامعية (بكالوريوس) منذ سنوات ليست بالقليلة.
ثمة نموذج آخر لشاب سُجل اسمه في شركة دون علمه، ولما علم بعد حين عن طريق المصادفة عوضوه بمبلغ هزيل رضي به لأنه لا بديل له على حد زعمه.
الأمثلة في هذا الصدد كثيرة ومن المؤكد أنكم تسمعون بها بين الحين والآخر وتقرؤنها في الصحافة المحلية. ولعلمي أن المسؤولين يحاربون مثل هذه الظواهر التي ربما يؤكدون أنها فردية ألا إنها موجودة وبكثرة، فأي جرأة لهؤلاء الوافدين؟!
أحد الشباب أراد أن يخرج من لعبة البحث عن وظيفة حكومية لا تسمن ولا تغني من جوع ولا عطش أيضاً فاتجه إلى الأعمال الحرة والتجارة (على قده)، هل تصدقون أنه حتى في التجارة السعودة محاربة؟
يقول صاحبنا إن الموزعين لا يتعاملون مع السعودي مثلما يتعاملون مع أبناء جلدتهم، في محاولة (لتطفيش) صغار التجار السعوديين ليخلو لهم الجو، هذه حقيقة لا مراء فيها، وأسألوا أصحاب محلات الإلكترونيات والجوالات إن كنتم لا تعلمون.
ولا نقول هذا الكلام لإحباط الشباب العصامي ولكن نريد أن نوقظ الشموع التي قد تطفئها نسمة هواء عليلة. معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي كان متألقاً - كعادته - وهو يلتقي مجموعة من العاملين من الشباب السعودي في شركة ماكدونالدز قبل مدة، وقال مشجعاً ومحمساً: (لو تسلح الشباب بما تسلحتم به من عصامية وإصرار لما وجد عاطل عن العمل في الوطن.. لقد ضربتم أروع الأمثلة في السعودة). وكانت شركة الرياض العالمية قد دعت الوزير لتكريم مجموعة من الشباب السعوديين العاملين في قطاع التغذية في ملتقى (شبابنا ثروة وطننا).
وأطلق الوزير المثير تصريحه الشهير (السماء لا تمطر فرص عمل ولا وظائف)، وهي ذات العبارة التي رددها الصحابي الجليل عمر بن الخطاب فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وحقيقة مثل هذه العبارات التشجيعية هي ما يحتاجها الشباب فعلاً، ولكن ماذا عن الشباب الذين لا توجد في مدنهم ومحافظاتهم ولا قراهم مثل هذه الفرص؟
إنني أحتفظ بالعديد من (الإيميلات) من عدد من الشباب - لا أعرفهم - ولكن حيلتهم الوحيدة مراسلة الكتاب والصحفيين من أجل أية فرصة حتى وإن كانت لا تليق بشاب يحمل شهادة (محترمة).
يا معالي الوزير أنت أعلم منا بعدد الشركات سواء الحكومية أو الخاصة التي تزخر بالعمالة الوافدة من كل حدب وصوب، أليس شبابنا أولى بكثير من الفرص التي يحتكرها هؤلاء؟
كان الشباب فيما مضى لا يرضون بعمل بائع خضار، الآن أسمع من الكثير أنه حتى بائع الخضار لا يخلو من الحسد.
يا معالي الوزير: إذا لم تمطر سماؤنا علينا بالبركات فلن تنفعنا سماء غيرنا، وسماء السعودة ملبدة بالغيوم، ولذلك لا شمساً رأينا، ولا مطراً رزقنا. ولا تزال الأعين ترقب رب السماء.
أعاننا الله وإياك على أعداء السعودة.
Mk4004@hotmail.com