قبل عدة سنوات أعلن الفنان عصام عارف اعتزاله الغناء واتجاهه للإنشاد الديني وأطلق لحيته وكتب في مطبوعة تعنى بالشؤون الإسلامية.
عصام عارف لم يكن ناجحاً في الساحة الغنائية ولا أذكر له أغنية حفظها الجمهور لكن هذا ليس محور حديثي حيث لفت انتباهي مقالاً كتبه في المجلة الإسلامية مطلع هذا العام وقرأته الأسبوع الماضي بالمصادفة.
فهو يتحدث عن الوسط الفني بانتقائية مرفوضة تماماً جملة وتفصيلاً حتى أنه أراد أن يصل بالقارئ إلى أن الفن هو (مستنقع) تكثر فيه الرذيلة والقتل والعلاقات المشبوهة والتصادم مع الذوق العام والتصفيات الجسدية، بل ذهب إلى أبعد مما قد يتصوره عاقل بأن الساحة الفنية قد اخترقتها المافيا بجميع أشكالها ولو لا ضيق المساحة والأفق لديه لذكر أيضاً الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية.
عن أي شيء يتحدث الفنان عصام عارف، ولماذا خص الفن بكل ما سبق وكأن الساحة الفنية سور من يدخله سيجد كل ما يندى له الجبين والخارج منه كمن ولد من جديد.
لم يكن (الفنان) عصام عارف دقيقاً في وصفه للساحة الفنية - وأنا بالمناسبة لست مدافعاً عنها - ولم تكن سوى عملية انتقائية وحديث إنشائي عاب عليه التوثيق بالتهم التي ساقها، وهو تجاهل ولا أعلم لماذا أن الجرائم السابقة التي ذكرها تحدث في كل مجتمعات الدنيا ولم يكن الفن سوى خيطاً في نسيج كل المجتمعات وأهله يتفاعلون مع المجتمع ويتفاعل معهم وإن حدث في مجتمع الفن قضايا هنا أو هناك فهي تحدث أيضاً في مجتمعات أكثر محافظة ولا داعي لذكر جرائم كثيرة يرتكبها أشخاص دخلوا عباءة الدين والتقوى وهزَّت أفعالهم مجتمعاً بأكمله.
ورغم مرور تسعة أشهر أو تزيد على ما كتبه الأخ عصام عارف فإنني على يقين أن هذا هو رأيه الذي يروج له، لكنني أطالبه وأرغب منه أن يُعطي القارئ دليلاً وأدلة على ما قال، ولا أظن أن قضية قتل حدثت لفنان أو فنانة أو قضية مخدرات سجلت على فنان أو نحو ذلك ستكون دليلاً على ما ذكر لأن هذه جرائم تحدث كل دقيقة في العالم وهي ليست أدلة مقنعة لمن أراد تبصرة.
في المجتمع الفني هناك نماذج سيئة لكنها ليست قاعدة كما أراد عارف الوصول إلى ذهن القارئ بها، لكن في المقابل فإن المجتمع الفني فيه من الخير ما حاول عارف وغيره تجاهله وهو يعرف ذلك كما أعرف لكنه للأسف أراد إخفاء حقيقة كان الأولى به أن يظهرها للناس ليكون مقنعاً لهم أن يذكر الحسنات والسيئات دون الركون لرأي (مؤدلج) وليس لمعلومة قد يصيب وقد يجانبه الصواب إن صح لي التعبير.