بين فترة وأخرى تعمل الوسائل الإعلامية المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون على إجراء عمليات تطوير وتحديث لخدماتها التي تقدمها إلى المتلقي الإعلامي، وعادة يصاحب هذا التغيير والتطوير حوار مباشر بين المؤسسة الإعلامية وجمهورها تحاول فيه الوسيلة الإعلامية إشراك المتلقي في معرفة خلفيات وظروف هذا التطوير وأهدافه.
وفي هذا الإطار هناك رؤيتان لهذا التوجه، الرؤية الأولى تقول إن المتلقي هو المستهدف عادة بعمليات التجديد والتطوير التي تقوم بها الوسائل الإعلامية بين آونة وأخرى، وأن هذا المتلقي من حقه على الوسيلة الإعلامية أن تقدم له شرحاً كاملاً لكافة الخلفيات والقرارات التي أدت إلى اتخاذ هذه الخطوة التطويرية بكافة تفاصيلها وتشعباتها بحيث يكون المتلقي على إلمام بكافة التفاصيل الدقيقة عبر طرح المشكلات والعقبات التي واجهت هذه الوسيلة الإعلامية في مسعاها حتى استطاعت أن تصل بعملها إلى هذا المستوى المتقدم من التحديث والتطوير المستمر، وهذا الاتجاه في مكاشفة المتلقي سوف يكسب الوسيلة الإعلامية تعاطفه وتقديره وبالتالي تضمن دعمه ومساندته لهذه الخطوات التي عملت من أجل اسعاده وإبعاد الملل والرتابة عن مطبوعته أو قناته المفضلة.
والرؤية الأخرى تقول بعكس هذا تماماً إذ ترى أن ما تقوم به الوسيلة الإعلامية من خطوات تطويرية وما يصاحب ذلك من خلافات وصراعات في الرأي في سبيل تحقيق هذا الهدف هو أمر ليس للمتلقي علاقة به لا من قريب ولا من بعيد.
وبالتالي من الظلم لهذا الملتقي اشراكه واقحامه في الهم والمعاناة التي صادفتها الوسيلة الإعلامية في مسعاها للتطوير والتحديث، وترى وجهة النظر هذه أن المتلقي في النهاية لا يهمه ولا يعنيه سوى أن تصل إليه الوسيلة الإعلامية وهي في أفضل وأجمل صورة ولا يعنيه ولا يهمه معرفة الخلفيات التي صاحبت عملية التطوير.
شخصياً أميل إلى تبني الرؤية الأولى حيث أعتقد أن الوسيلة الإعلامية بأخذها بهذا الاتجاه سوف يؤدي إلى إقامة حوار وفضفضة مثمرة وبناءة مع جمهورها وهو ما سوف يؤدي لاحقاً إلى تحقيق أهداف عديدة لهذه الوسيلة الإعلامية لعل من أهمها أن هذا الإجراء سوف يوحي للمتلقي بأنه شريك حقيقي وأساسي في هذه العملية ومن حقه بالتالي معرفة كافة الخطوات التي تنوي والمؤسسة الإعلامية الاقدام عليها وبالتالي من حق الشريك على شريكة أن يكون على المام بكافة التفاصيل التي تمس هذه الوسيلة الإعلامية في حاضرها ومستقبلها، كما أن الأخذ بهذا الأسلوب سوف يؤدي إلى رفع المستوى الثقافي والإعلامي للجمهور وهو ما يجعله بالتالي على مستوى معقول من الفهم والإدراك لأي تغييرات وخلافه، وهذا سيؤدي إلى قيام تفاعل إيجابي بين الوسيلة والمتلقي.
إذا فالرؤية الأولى هي رؤية تؤدي وتقود إلى ثراء معرفي واغناء للتجربة الإعلامية التي يسهم في صناعتها وتقدمها طرفي العلاقة.. والوسيلة الإعلامية والجمهور المستهدف بهذا العمل.
malmadi777@yahoo.com