إلى مقام خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله رفع سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله وأعاده إلى البلاد سالماً مُعافى برقية تنبض بالكثير، وتقول الكثير، وتؤكد أن هذه البلاد قامت وترعرعت وتجذرت على أساس اللحمة والتآخي بين من يضطلعون بالقيادة. البرقية كانت تهنئة منه حفظه الله بتحقيق الحلم الذي أصبح واقعاً، والمتمثل في (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية) التي تم افتتاحها يوم الأربعاء الماضي.
وسمو الأمير سلطان لم يعبر حفظه الله عما يختلج في صدره فقط، إنما عبر عما نكنه جميعاً لهذه البلاد، ونحن نرى أن صرحاً علمياً شامخاً قام في جدة؛ ليثبت أن هذه البلاد قامت على (التوحيد)، وبقيت وترسخت وضربت جذورها في الأعماق (بالعلم والمعرفة). ومنذ عبدالعزيز وحتى عبدالله بن عبدالعزيز ومعادلة التوحيد والإيمان والعلم والمعرفة في هذه البلاد هي (كل) لا يمكن أن يتجزأ، أو أن ينفصل بعضه عن بعض، مهما حاول المغرضون والمشككون، وأعداء هذه البلاد أن يقولوا، أو يتصيدوا، أو (يزايدوا) !
يقول في برقيته حفظه الله: (إنني يا سيدي أشعر بالغبطة والسرور ونحن في المملكة العربية السعودية نشهد ملحمة تأسيس هذه الجامعة وافتتاحها ضمن مشروع وطني كبير تزامن هذا العام مع ابتهاجنا باليوم الوطني لبلادنا. ولا شك أن شهادة من شرف حفل افتتاح هذه الجامعة هو وسام تقدير لنا، وتعبير عن ما يحتله شخصكم حفظكم الله من تقدير عالمي ومكانة بارزة في التاريخ المعاصر للمنطقة والعالم، وتقدير آخر لمستوى وتقدم هذه الجامعة وعالميتها، بأهدافها وتوجهاتها وبرامجها في خدمة العلوم والتقنية في الحياة الإنسانية)!
ويواصل حفظه الله : (لقد عرفتك شغوفاً بالوطن، مخلصاً للعقيدة، وفياً للأمة، محباً للإنسانية، وحريصاً على العلم وأهله؛ فسخرت يا سيدي ما تملك من مال وجهد ومكانة للتوفيق بين الحضارات، ولنشر قيم العدل والتسامح، وعملت على تقديم الحوار سبيلاً لحل النزاعات وتبديد الخلافات وفتح قنوات التعاون الحضاري بين الأمم والشعوب؛ فعرفكم العالم قائداً ملهماً، وسياسياً حكيماً، داعياً للسلام، مبشراً بالخير، عطوفاً على الفقراء، وحريصاً على العلماء، تفيضون إنسانية ورحمة، فأتت هذه الجامعة رمزاً لتلك الجهود، وثمرة نقطفها اليوم، بعد أن ولدت حلماً، وتربت فكرةً، وتجسدت مشروعاً، رعيتموه لبنةً لبنة، وخطوةً خطوة، إيماناً منكم حفظكم الله بأهمية وأفضلية العلم، كما في قوله تعالى:( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ).
أما أولئك المتصيدون، الذين ينتهزون الفرص، ويحاولون المزايدة على بعض القضايا الجانبية، أو (الخلافية)، ويدعون الجوهر؛ للنيل من هذا الصرح العلمي العملاق، فنحن نعرفهم جل المعرفة؛ هم أعداء الرقي، وأعداء الحضارة، وأعداء العلم والمعرفة والتقدم. وهم الاستثناء وليسوا القاعدة، والجعجعة التي لم نرَ لها قط طحناً. (راهنوا) كثيراً على وقف مسيرة النهضة في هذه البلاد، حاولوا مرات ومرات وضع العصي في دواليب العربة، غير أن الحصان والعربة كانا الأقوى؛ فاستمرت عربة التنمية والحضارة والرقي في الطريق، وبقي (المجعجعون) حيث كانوا وكان أمثالهم (متكلسين) في آخر الطريق، لم يبرحوا ولن يبرحوا مكانهم قيد أنملة.
حفظ الله خادم الحرمين، وحفظ ولي عهده، وحفظ النائب الثاني، وبقي هذا الوطن شامخاً بالعلم والمعرفة والتحضر. إلى اللقاء.