عندما رفع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه - راية التوحيد مهللاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ، وأنّ المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلاّ لله سبحانه وتعالى ثم لعبدالعزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظن بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى وقتناً الحاضر، وذلك ليس من قبيل التشاؤم، ولكن كافة المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك، فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد لكافة المقومات الأساسية التي تحتاجها عملية بناء التنمية، إضافة إلى أنّ إعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين، مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ومستقرة، وعلى الرغم من كافة تلك المعطيات الصعبة، فقد استطاع موحِّد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسات اللازمة للشروع في بناء حضارة سعودية.
إنّ مناسبة العيد الوطني لهذا العام تتزامن مع عدد من الإنجازات التنموية، ومنها افتتاح خادم الحرمين الشريفين لجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية. إنّ هذه الجامعة العالمية هي نقلة نوعية في مسيرة البحث العلمي، ليس على المستوى المحلي والإقليمي فحسب، وإنما على المستوى العالمي.
كما تتزامن هذه المناسبة الوطنية الغالية علينا جميعاً، مع موافقة خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي، مؤخراً على افتتاح ثلاث جامعات جديدة في كلٍ من الخرج والمجمعة وشقرا، ليصبح عدد الجامعات الحكومية في المملكة أربعاً وعشرين جامعة، حيث جاء ذلك مؤكداً على حرص خادم الحرمين الشريفين على نشر وإيصال التعليم العالي لمختلف مناطق ومحافظات المملكة.
كما أنّ مناسبة اليوم الوطني لهذا العام تأتي متزامنة مع فرحتنا جميعاً بنجاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز مساعد وزير الداخلية، حيث يُعد ذلك نصراً لهذا الوطن ولرجال أمنه البواسل، ودحراً لتلك الفئة الضالة الخارجة على الدين والوطن.
لقد تفضّل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أثناء ترؤسه لإحدى جلسات مجلس الوزراء عندما قال: إنّ اليوم الوطني هو مناسبة مؤاتية لنحاسب أنفسنا عما قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه.
نعم إنّ مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مواتية لنسأل أنفسنا عن ماذا أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية. فماذا تم حيال تطوير بعض الأنظمة واللوائح، وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملاءمة لجذب الكثير من الأموال الأجنبية، وماذا عملنا لكي نحد من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا الاقتصادية والتنموية بعد انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، وهل حققنا ولو النسب الدنيا في عملية إحلال الأيدي العاملة الوطنية بدلاً من الأجنبية. وماذا تم بخصوص تطوير المناهج التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلّبات واحتياجات سوق العمل، وماذا ... وماذا ... وماذا ... استفسارات كثيرة تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع، هذا إذا ما أردنا أن يكون لنا المكانة التي نتطلّع أن نتبوأها.
وأخيراً فإنني لا أملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران لجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - طيّب الله ثراه -، وأشد على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مر بها موحِّد هذه الجزيرة والتي استطاع من خلالها أن يؤسِّس بنيان هذه الدولة قدوة له. كما أنتهز هذه المناسبة الوطنية الغالية بتقديم أصدق التهاني لخادم الحرمين الشريفين ولولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني أبقاهم الله ذخراً للدين وللوطن والمواطنين.
* الأمين العام لمجلس التعاليم العالي
Dralsaleh@yahoo.com