بعد حرب الخليج عزم الناس على تغيير عاداتهم الاستهلاكية، وتحديث خبراتهم العامة، وزيادة ضخها بمعارف عن وسائل الحماية، والإسعافات الأولية، ووسائل استثمار طاقاتهم في دعم مصالح تدخل بيوتهم فتخصهم وتخرج عنها لتعم الآخرين، ففي تلك الفترة الحرجة عرفوا قيمة التعاضد والتكاتف وتحولت الشوارع والطرقات الطويلة لمسافات قلصتها مشاعر الترابط والإحساس بالكل.. انتفت لفترة الذاتية، واللهفة على مظاهر الترف، وعدم الإحساس بالآخر, والترهل الذهني، والدعة للحياة، والامتلاء بالذوات، فشعر كل ذي فراغ بأن عليه أن يعي أكثر، ويزيد في ثرائه الداخلي علماً نافعاً وعملاً صالحاً وإنجازاً مثمراً،.. وتقديراً لكل أمر في حياته من ثمن أسطوانة الغاز إلى دولاب عربة الطفل إلى حفنة التراب ورغيف الخبز وقطرة الماء وشمعة الضوء...
دفق من الوعي عم الجميع.. فتوالت الوعود للنفس وللوطن وللعمل..
الآن هناك حرب الأمراض والمايكروبات والفايروسات التي تسللت للمجتمع البشري عن طريق العالم قرية صغيرة يربها في البدء سبيل السفر من باخرة وعربة وطائرة، ثم بعد أن طويت أثرياً المسافات والتقى المرء بأقصى الدنيا صوتاً وصورة وتراسلاً...
لم يعد الهواء ومجاله الجوي وحده ناقلاً للأمراض بل هناك أمراض أخرى أشد فتكاً من هبة الخنزير، هناك خنازير فضائية ناقلة لأمراض عدواها فاتكة جداً.. الإنسان الآن أمام حرب الأمراض بمختلف أنواعها وألوانها وتأثراتها.. فما الذي يمكنه أن يقرره كما قرره بعد حرب الخليج..؟ أم أنه كما نسي تلك الوعود سوف لن يتذكر أن عليه إيجاد الأمصال الواقية، فالمعالجة للأمراض التي تهجم عليه كما المحاربين؟.