التاريخ هو سجل الأمم، ومن تاريخ الأمة تستنير الأجيال طريقها وتعرف مسارها، وتتعرف على مكامن قوتها.
والناظر في تاريخ كل أمة يجد أن الأمم التي بقيت لها بصمات بينة في الإنسانية هي تلك الأمة التي لم تنفك عن تاريخها وأخذ العبر من أسلافها، أما تلك الأمة التي لم تعبأ بماضيها فإنها سريعة الانهيار قريبة التفكك.
ولذا قيل من لا ماضي له لا حاضر له ولا أيضاً مستقبل.
ونحن كأمة سعودية لنا تاريخ مجيد حافل بالعطاء والإنجاز على كافة الأصعدة الإنسانية، سواء منها الدينية والتي قامت هذا الدولة على أساسها، أو الاجتماعية والتي حققت هذه الدولة أعلى ما يمكن تحقيقه من لحمة ووحدة وطنية يشار إليها بالبنان على مر قرونها الثلاثة، أو على الصعيد الاقتصادي فقد كانت الدولة السعودية ومن قبل هذه النهضة تعمل على نهضة مجتمعها اقتصادياً على الرغم من قلة الموارد في تلك الحقبة.
ومنذ أيام مرت علينا الذكرى التاسعة والسبعين لتوحيد المملكة على يدي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - وقد صاحبها حدث إعلامي جدير بنا أن نتوقف معه وعنده لما يحمله من أهمية علمية وإعلامية كبيرة، ذلك هو ما قام به صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم، من إصدار (تاريخ الدولة السعودية) مسموعا، وهذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها تاريخ الدولة السعودية على أشرطة الكاسيت وأيضاً على أشرطة C.D.
وهذه الخطوة غير المسبوقة من سموه تجاه تاريخنا السعودي المجيد من الأهمية بمكان، فجيل اليوم على أقل تقدير يجهل هذا التاريخ بشكل كبير وليس لديه الرغبة في القراءة فهو جيل سمعي لا بصري، لذا فإن تسهيل المعرفة بات ضرورة ملحة يجب علينا الانتباه لها.
في تاريخ الدولة السعودية الشيء الكثير والكبير من المعاني السامية والأهداف النبيلة، فقد قامت هذه الدولة على دعوة التوحيد وذلك بتعاضد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب فكانت اللبنات الأولى لبنات توحيد الله سبحانه وتعالى ونبذ ما سواه، وسار على هذا المنوال جميع أئمة آل سعود، حتى إن الملك عبدالعزيز وفي أول إعلان له استعادة الرياض لم يكن شعارها مخالفا بل كان مؤكدا للبنات الأولى فقد كان أول سماع سمعه أهالي الرياض لنبأ دخول الملك عبدالعزيز الرياض هو ذلك الصوت المجلجل الذي ينادي بأن (الملك لله، ثم لعبدالعزيز)، تأكيد منه - رحمه الله - على دعوة التوحيد، وهي أن الملك لله وحده لا شريك، وهذا هو شعار دولة التأسيس.
لقد فعل الأمير فيصل بن مشعل خيراً بإصداره هذا العمل غير المسبوق والذي نتمنى أن يكون في متناول جميع طلابنا وطالباتنا في كافة مراحل التعليم العام والعالي، وأيضاً أن يكون متوفراً في كافة سفاراتنا وملحقياتنا الثقافية، فلقد تأخرنا كثيراً في إبراز تاريخنا السعودي الذي هو في الحقيقة تاريخ مشرف ليس لكل سعودي بل لكل عربي ومسلم.
إن دولتنا المباركة بفضل الله ومنته لم يمر عليها في تاريخها الطويل أن تخلت أو تقاعست عن خدمة شريعة الله وتطبيق حدود الله بين عباد الله، ولذا بقيت على مر العصور شامخة قوية رغم الأعاصير التي عصفت بكثير من الكيانات السياسية المحيطة بنا، وهذا ما يؤكد أن المنعة والعزة الحقيقية هي في تمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنها هي القوة والمنعة الحقيقية، ولذا علينا أن نرسخ هذا المفهوم في أجيالنا.
Almajd858@hotmail.com