ساهمت القنوات الفضائية بتشجيعها للمسلسلات الرمضانية بانتشار الدراما السعودية حتى أصبحت تعرض على كثير من القنوات الخليجية ولكن التشجيع كما نعرف لا يأتي دائماً بنتائج إيجابيه..
.. فكل الذين كانوا يشجعون المنتخب صدمهم المنتخب بنتائجه! هذا التشجيع الدرامي أعطى مساحات كبيرة للدراما التلفزيونية السعودية بعد أن خرجت من عباءة أمها القناة الأولى، وتكاثرت المسلسلات بدعم قوي من الإعلان التجاري! وهذا في ظاهره أمر إيجابي لكنه في باطنه يحمل أحياناً غير ذلك، خصوصاً مع بعض المسلسلات الرمضانية التي لم تراع قدسية شهر رمضان ولاحق المشاهد في أن يتابع مسلسلاً سعودياً يحقق له المتعة والفائدة وينافس ما يقدم في القنوات الأخرى من ناحية الجودة! مشكلة بعض الفنانين والكتاب أنهم فقدوا بوصلة الفن الحقيقي والملتزم، وتاهو في بحور التسطيح معتقدين أن تلك هي الدراما التي عليهم أن يقدموها للمشاهدين في رمضان! وتعمدوا بث قيم جديدة للإنتاج الدرامي تعمل على إرسال رسائل تهدم في جدران قيم المجتمع وأخلاقياته وتصور المجتمع على غير ما هو عليه! بل إن إضافة مشاهد صادمة وخادشة للحياء ولا تمت للفن بصلة هي جرأة يمكن التباهي بها! المصيبة التي لا عزاء لنا فيها أننا كمشاهدين نحن الذين ندفع قيمة المسلسل من حر مالنا!! طبعاً نحن لا ندفع مباشرة ولكن الدفع يتم للمعلن من خلال شرائنا لسلعته التي يعلن عنها في المسلسل، وهو يدفع للقناة والقناة تدفع للمنتج والمنتج يدفع للممثلين!!.
بعد عرض المسلسل يكتشف الفنانون والمنتجون أنهم لم يحصلوا على الإعجاب الذي كانوا ينتظرونه، فالمشاهد قد سبقهم بتذوقه للأعمال الفنية والفضاء مفتوح لمشاهدة الأعمال الجادة والرائعة والتي تأخذ في اعتبارها قدسية شهر رمضان ولا تسقط رأي المشاهد من حساباتها، المشكلة الأزلية للمسلسل المحلي هو النص، فالفنان (المنتج) يعتقد أنه قادر على أن يمثل ويكتب وينتج! النص هو العنصر الأساسي، فالقماش الذي متره بخمسة ريالات لا يمكن أن يصنع منه ثوباً فاخراً، وتبرز إشكالية مهمة مع الفنان والمؤلف الذي لا يملك الوعي ولا الرصيد الثقافي الذي يمكنه من طرح ما يريد دون أن يجعل الحلقة التلفزيونية (بياناً) أو (منشوراً) يعبر فيه عن وجهة نظره أو يهاجم فيه جهة أو فئة لا تعجبه! إن على كثير من الممثلين والمخرجين والمنتجين الذين عرضت مسلسلاتهم في شهر رمضان سواء في القنوات الفضائية أو في القناة الأولى التوبة عن ذنوبهم بما في ذلك الذنوب الفنية التي اقترفوها بحق المشاهدين وأن يعدوا بتقديم أعمال راقية ومحترمة إذا لم تساهم في الإمتاع والترفيه وتعزيز قيم المجتمع فعلى الأقل لا تهدم القيم الاجتماعية ولا تقدم المواطن السعودي بكركترات هي الأسهل في الكتابة والتنفيذ والتمثيل عندما تقدمه ساذجاً ومعتوهاً! ولو كانت لدينا نقابة للفنانين فأتوقع أنها لن تسكت عن البعض وستحملهم مسؤولية انخفاض مؤشر احترام المجتمع للفن والفنانين!.
alhoshanei@hotmail.com