في تخبط واضح لتنظيم القاعدة، خاصة بعد الضربات الموجعة التي تلقاها من رجال الأمن في السعودية، وصف - نائب قائد تنظيم القاعدة في اليمن - سعيد الشهري المطلوب ضمن قائمة ال (85 ) لدى الأجهزة الأمنية السعودية، في التسجيل المرئي الذي بثته قناة العربية - قبل أيام -، أهمية المال بالنسبة للتنظيم الذي يعد الشريان الرئيسي لعمل تنظيم القاعدة، بعد أن تعرضت إلى مزيد من الجفاف المالي، بسبب الإجراءات الرقابية المشددة، والنجاحات الأمنية التي حققتها السلطات في السعودية. إضافة إلى تقنين أموال الجمعيات الخيرية، ومراقبة قنواتها المصرفية والمالية للحد من التحويلات المشبوهة.
وتعتبر تلك الرسالة تكرارا لرسالة مشابهة، بعثها أيمن الظواهري - القيادي الثاني في تنظيم القاعدة - في موسم الحج الماضي، ما يؤكد أن التنظيم يعاني في الفترة الأخيرة من صعوبات شديدة في تمويل أنشطته الإرهابية، وتندي مستوى الدعم المادي، مما جعل بعض المحللين يتنبأ بموت التنظيم، أو اضمحلاله.
تنظيم القاعدة في اليمن استطاع إعادة هيكلته خارج السعودية، وبناء قاعدة له في اليمن، لاشتراكها في (طبو غرافيا) جبلية منعزلة مشابهة لتلك الجبال الموجودة في أفغانستان، فشكل العمق الاستراتيجي في مشروع القاعدة الذي أعلنته، من أجل إقامة خلافة إسلامية على منهاج النبوة. فدربت المقاتلين، واستقطبت الكوادر القيادية، ووفرت قاعدة حيوية تصل ساحات الجهاد في أفغانستان والعراق وشرق إفريقيا والشرق الأقصى، كي تبقى اليمن محطة انتقال، وإمداد بشري لتلك الجهات من مختلف دول العالم. وذلك عن طريق توفير الدعم اللوجستي، واحتضان القيادة الإقليمية، مستغلة الأحداث الجارية في اليمن، والأوضاع الاقتصادية التي تعيشها.
ولا نكتب من فراغ حينما نؤكد أن دعم تنظيم القاعدة في اليمن يتم عبر أجهزة استخباراتية دولية تأتي من الخارج لاستخدامها كورقة للضغط على الحكومات العربية، وتهديدها بفوضى أمنية، وتنفيذ خطط إقليمية دولية لا تتوقف عند حدود اليمن. وهو ما أكده: محمد العوفي - أحد المطلوبين في تنظيم القاعدة - والذي سلمته اليمن للسعودية بعد ضبطه في شبوه، عن وجود علاقة للاستخبارات الإيرانية والحوثيين بتشكيل وتوجيه تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن عناصر من أتباع الحوثي قدموا إليه، وأخبروه بأن ثمة تنسيقا بينهم، بعد أن عرضوا عليه المال والسلاح. رغم الاختلاف الكبير والبون الشاسع بين منطق وفكر تنظيم القاعدة، وبين الأيديولجية العقدية الإيرانية.
خلاصة القول: إن دقة الإجراءات الأمنية لتجفيف منابع الأموال، وتضييق الخناق عليها، جعلت تنظيم القاعدة يبحث عن طرق أخرى بديلة، ووسائل جديدة لإيجاد اختراقات مستمرة في سبيل الحصول على الدعم المالي، عبر تبرعات غير نظامية، ونقلها عبر الحدود البرية لتحقيق أهداف وغايات دنيئة.
drsasq@gmail.com