منذ تنبهت المجتمعات العربية إلى حركة تسرب علمائها إلى خارج حدودها بدأت الغوص في معرفة الأسباب، وغالبا ما تأتي العلل في نضوب البيئة البحثية وعجز الإمكانات والإمدادات، فغدا يستقطبهم كل ذي قدرة فيهيئ لهم المناخات المناسبة ويوفر لهم الإمدادات على مختلف أنواعها. وفي السنوات الأخيرة بدأت أسماء كثيرة عربية بل بعضها من هذه البلاد التي بلا شك قادرة على توفير المناخ البحثي وضخه بكل مستلزماته المادية والفنية والتقنية.. ولعل اجتهادات مراكز البحوث في الجامعات وما توصلت إليه في فترات مختلفة، واجتهادات مختصيها في منجزات علمية طبية وبعضها الآخر في مجالات صناعية واقتصادية لهو مؤشر إلى أن بالإمكان استقطاب هذه القدرات وجعلها منتجة ومنجزة في وطنها، ولاسيما أن التوجه الكبير الآن إلى البحث العلمي المخبري التجريبي والتطبيقي لاستكشاف ما يهيئ للبشرية حياة ناجحة مواكبة لمتطلبات العصر صحة وسلامة وبيئة وعمارا واقتصادا ومعرفة واستهلاكا واستخداما وتفاعلا وعلاجا ووقاية بحيث تسهل الحياة ويتيسر فيها كل سبيل للإنسان فيها؛ إمعانا في التحضر وغاية في المدنية الراقية وأساليب المعاش والتفكير الراقية، لهو غاية مثلى..
ولعل آخر ما قرأناه وسمعناه عن العالمة الباحثة السعودية حياة سندي من اختيارها مرشحة لجائزة عالمية يتنافس عليها القاصي والداني، إلى جانب اختيارها ضمن أوائل الشخصيات الباذلة في الشأن التغييري في المجتمع البشري قاطبة بما يثلج الصدور ويعيد الثقة في تربة هذا الوطن منبت العلم والعلماء، لهو ما يدعو إلى التفكير في سؤال: كيف لو أنها تحققت لها البيئة البحثية العلمية في وطنها؟.. وتأتي غادة المطيري العالمة الباحثة الأخرى لتحقق انتشارا سريعا، يصفق لاسمها الهواء، يتناقل بفرح قلوبنا ما وصلت إليه.
وهي تترأس في جامعة كاليفورنيا فريق بحث، وتتوصل لاختراع يسهل العمليات الجراحية بأيسر الوسائل وأقلها نفقات فترشح لأكبر جائزة علمية..
فماذا لو أنها في أحد مراكز بحث جامعة سعودية..؟
نعود فنتمنى أن تهيَّأ مراكز البحوث في جامعاتنا لمزيد من ظهور عالمات وعلماء باحثين وباحثات.. والإمكانات المادية ليست شحيحة؛ فمقدرات الجامعات من الإمكان أن تعمل على ذلك في هذه الانعطافة التاريخية لتطور الطموحات والركض الجاد في مضمار المنجزات.. وتحديدا في مجال البحوث العلمية.