في العام القادم سيحتفل المسرحيون في العاصمة الرياض بمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاق عروض مسرح الأمانة، هذا المشروع الثقافي والوطني الذي أنتج الكثير من الفعاليات التي استهدفت جميع شرائح المجتمع وقدمت منذ انطلاق المشروع (81) مسرحية للكبار والأطفال عرضت ما يقارب من (287) عرضا.
محققة زخما وتوهجا للمسرح الجماهيري لم يسبق له مثيل. والمتابع لمسيرة هذا المشروع يجد انه يغيب عنه عنصران هامان الأول: وهو التوثيق التلفزيوني فما يزال التلفزيون يفرط سنويا في تصوير عشر مسرحيات محلية تقريبا، ربما صلح نصفها أو اكثر للعرض لكن تقاعس التلفزيون عن واجبه في تسجيل وبث المسرحيات السعودية أمر ما يزال يحير ذوي الأفهام! العنصر الثاني وهو الذي أود أن أسهب فيه لأهميته القصوى هو غياب الجانب النقدي الذي يفترض انه يشكل مسارا موازيا يهتم بجوانب الضعف والقوة فيما يقدم من مسرحيات بهدف تعزيز هذا المشروع وزيادة ثرائه والكشف عن المواهب التي قدمها مسرح الأمانة تأليفا وإخراجا وتمثيلا وكما هو معروف فإن الكثير من الممثلين والمؤلفين والمخرجين أعادهم مسرح الأمانة إلى خشبة المسرح بعد أن فقدوا الأمل في وجود حركة مسرحية يقدمون من خلالها إبداعاتهم. النقد البناء والواعي يزيد هذه العروض المسرحية نضجا ويجعلها تتنافس لكي ترضي الجمهور والمتخصصين! لكننا حتى الآن لا نجد جهدا نقديا يوازي غزارة الإنتاج ويقوم بضبط إيقاعه والعمل على ترشيد مساره والإشادة بما قدمه هذا المسرح من قبل المهتمين والنقاد المسرحيين.
ولعله من الطبيعي أن تتفاوت المسرحيات من حيث الجودة ومن حيث الجدية والالتزام بمواصفات وشروط المسرح ولكن ما لا يمكن قبوله هو أن يقدم بعض المسرحيين مسرحيات لا تمت للمسرح بصلة مشوهين الصورة البراقة لمسرح الأمانة الذي منحهم الفرصة والدعم المادي والإعلامي وهم بذلك يضعون المسرح في مرمى منتقديه ومعارضيه! ومما يثير الأسف أن يتعمد البعض تضمين مسرحياته حركات مستهجنه أو ألفاظ بذيئة والتي تعتبر أدوات العاجزين عن تقديم المسرح الحقيقي. وهي ليست ظاهرة لكن السكوت عنها ربما يضر بسمعة مسرح الأمانة الذي قدم العديد من المسرحيات الجماهيرية الرائعة والتي علينا كمسرحيين أن نقف دفاعا عنها ممن لا يملكون الخبرة الكافية في إدارة مثل هذه الأعمال الثقافية عندما يقدمون ما لا يتناسب مع رسالة المسرح. لقد أوكل المسؤولون أمر العروض إلى لجنة متخصصة تبذل الكثير من الجهد في قراءة النصوص وإجازتها لكن النص غالبا ما يختلف عن العرض وربما خرج الممثل عن النص، لذلك فمتابعة ما يعرض على الخشبة وتقويمه أمر مهم لصد ورد الذين يخرجون بالمسرح عن أهدافه! أيها المسرحيون اشكروا (أمانتكم) التي أنعمت عليكم بهذه الطفرة المسرحية التي تعيشونها والشكر لا يكون بالتصريحات التلفزيونية والصحفية فقط ولكن من خلال الحرص على تقديم عروض مسرحية راقية تحترم المشاهد وترد الجميل بمثله لمن قدم هذا الدعم الكبير لكم وللمسرح!
alhoshanei@hotmail.com