برغم الانفتاح الذي تشهده بلادنا الحبيبة على جميع الأصعدة، وبالذات فتح المجال واسعاً لعمل المرأة التجاري، والسماح لها بإنشاء مؤسسة خاصة تديرها وتشرف عليها بنفسها؛ إلا أن الباب يغلق بدون مبرر أمام مؤسسات الطوافة الخاصة بالسيدات، بل ولا يسمح لمؤسسات الطوافة عموماً بفتح أقسام مستقلة للنساء داخل مجالس إداراتها بهدف رعاية مصالح المطوفات ومتابعة إجراءات أعمالهن المالية والإدارية أسوة بالبنوك والشركات الأهلية والمؤسسات الاقتصادية والخدمية الكبرى، وكذلك المصالح الحكومية كالأحوال المدنية والجوازات وغيرها من القطاعات الرسمية التي شهدت نجاحاً منقطع النظير، وخففت العبء على الأقسام الرجالية، ورعت أمور السيدات ورفعت الحرج عنهن، وسهلت الإجراءات الطويلة.
والأمر مطروح أمام وزارة الحج، الجهة المخولة بمتابعة مؤسسات الطوافة، حيث يجدر بها الشروع بافتتاح أقسام خاصة بالسيدات المطوفات داخل تلك المؤسسات، والسعي لإلغاء اشتراط إلزام المرأة المطوفة بالتوكيل الشرعي لمن ينوب عنها من الرجال المحارم الذي قد لا تتوفر فيه أدنى شروط الأهلية كالإلمام بالقراءة والكتابة، وفهم المصطلحات الشرعية والاقتصادية كالميزانية أو الجمعية العمومية! بل وقد لا تكون لديه أية علاقة بمهنة الطوافة من قريب أو بعيد! فكيف يمكن للسيدة المثقفة المتعلمة المدركة لمهنتها تفويضه لمراجعة الدوائر الحكومية ومتابعة مصالحها، أو حضوره فعاليات التصويت في الجمعيات العمومية لهذه المؤسسات؟! وهو بجهله قد يسبب إضرارا بحقوقها المالية والإدارية، ويساهم في توجيه مسار التصويت إلى أمور تضر بمصالح المساهمين عموماً ومصلحتها على وجه التحديد.
وتزداد الصعوبة حين تلزم المرأة باشتراط أن يكون الوكيل محرماً لها للعمل بدلاً منها خلال موسم الحج! وما قد يترتب على ذلك من تقاسم قيمة مكافأة العمل مناصفة بين المطوفة وبين الوكيل، وهو ما يعرّض المطوفات عموماً للمساومة والابتزاز من قبل هذا (الوكيل) ومطالبته المستمرة بزيادة نسبته في المكافأة، أو تعطيل أعمالها أو إحراجها مع عملائها. وقبل هذا وذاك معاناتها الشديدة في البحث أساساً عمن توكله عنها من الأكفاء، عدا ما يسببه ذلك من مشاكل عائلية تؤدي إلى النزاعات وتجعل المطوفة ترزح تحت وطأتها.
والعجيب أن الأمر يتفاوت من مؤسسة طوافة إلى أخرى بحسب تطبيق الآليات العشوائية دون وجود أنظمة واضحة وتوجيهات صريحة تبعاً لنوع المسميات التي تطلق غالباً على بعض المؤسسات! ففي الوقت الذي يطلق على بعضها (ملتزمة) فهناك مؤسسات (متحررة) وهناك مؤسسات (معتدلة) وبين هذه المسميات الغريبة يتم إقصاء المطوفات وتضييع حقوقهن، برغم التصريحات الرنانة التي يطلقها بعض رؤساء مؤسسات الطوافة في الصحف والمنتديات، والتمجيد الوهمي لدور المرأة المطوفة واهتمامهم بمكانتها وتقدير ذلك الدور الوطني والاقتصادي! بينما في الواقع لم تنل حقها الوطني والشخصي كما يتطلبه وضعها المهني وخدمتها لضيوف بيت الله الحرام، وهو شرف عظيم.
فهل نرى قريباً من وزارة الحج والعمرة قرارات سارّة تصب في مصلحة المرأة وتنقذها من هذا الوضع؟!
rogaia143 @hotmail.Com www.rogaia.net