شاهد لقاء مع أحد التربويين، وكان يتحدث فيه عن الكذب، وقد استعرض في لقائه أن أغلب الكاذبين هم الشعراء، مستندين إلى أن أعذب الشعر أكذبه. أنا هنا لست في موقع التأييد أو الرفض، ولكن الشعر رسالة سامية يجب على الشعراء أن يحافظوا عليها، ولكن للأسف يبدو أن الشعراء لم يستوعبوا حتى الآن معنى الرسالة إلا من ندر منهم؛ فقد فسَّر كل شاعر هذه المقولة كما يريد؛ فذهبوا إلى الكذب والنفاق في شعرهم الذي أصبح وسيلة تدر عليهم الأموال عن طريق شعر المدح الذي انتشر بين أغلب الشعراء. أنا لا أقول اتركوا المدح، ولكن قننوه؛ فالآن كل من لديه أموال ممدوح ويتهافت الشعراء على مدحه، ليس لعظم أفعاله وعمله، وإنما لعظم ماله؛ فالشعر تحول من رسالة هادفة وجليلة إلى وسيلة استرزاق، وليت كل من يُمدح يستحق المدح، ولكن المبالغة في المدح ووصف الممدوح بأوصاف عظيمة ربما هو لا يستحقها. هؤلاء الشعراء هم الذين دمروا الشعر وأساؤوا إلى سمعته وقللوا من شأنه، فأنت أخي القارئ عندما تستمع إلى قصيدة مدح تعرف أن الشاعر كاذب لمجرد سماعك أبيات القصيدة والمبالغة فيها ورفع الممدوح فوق مكانته، ولو لم يكن هذا الشخص من أصحاب السلطة والمال لما أضاع الشاعر وقته وأتعب مخيلته في انتقاء الأوصاف. أنا لست ضد المدح، ولكن أفضّل أن يكون ثناء على جميل وليس أن يسبق المدح الجميل استدراراً واستلطافاً.
هل هكذا أصبحنا عباداً للمال دون مراعاة لقيمنا وتراثنا. على الشعراء أن يراعوا الذمة في شعرهم.
majedhawash@windowslive.com