قال مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية قبل أيام إن هروب الفتيات في طريقه ليكون ظاهرة في المجتمع السعودي ما لم يُعالج، مشيراً إلى أنها مشكلة تزداد يوماً بعد آخر؛ ما أوجب دراستها ورصدها والسعي لإيجاد الحلول لها. وأرجع المسؤول أسباب هذه المشكلة إلى (التفكك الأسري الناتج عن الاضطراب النفسي الذي يصيب رب الأسرة، وأن يكون ولي الأمر مدمناً للمخدرات، إضافة إلى غياب القدوة الحسنة داخل الأسرة)، مستبعداً انتشار الظاهرة إلى تمرد الفتيات. وختم المدير العام للشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة تصريحه قائلاً: (إن هروب الفتاة من بيت ذويها عادة ما يفتح عليها وعلى أسرتها كثيراً من المشاكل التي يصعب احتواؤها، وقد تنتهي حياة الهاربة إما بالإدمان أو الاكتئاب أو القتل!).
تكمن خطورة هذا التصريح في إقرار الوزارة بوضوح وشفافية بحجم المشكلة، وهي مشكلة تشبه كرة النار، قد تؤذي كل من يقرب منها، فالذي يؤوي فتاة هاربة أو يصلح أي ضرر قد تكون تعرضت له من أسرتها قد يناله من الأذى مثل الذي قد ينال الفتاة، ولذلك لا مهرب في العديد من الظروف أمام الفتاة التي قد ترى أنها تعرضت للحيف أو الظلم من أحد أفراد أسرتها سوى الهرب إلى أي مكان، وغالبا ما يكون هذا المكان مشبوهاً، فالأسر أو الأقارب يهربون من لجوء كهذا هروب الصحيح من الأجرب، وإذا عزّ الهروب من الأسر لتفاقم المشكلة العائلية العامة أو الخاصة فليس أمام العديد من الفتيات سوى الإقدام على الانتحار بأي وسيلة. لقد أصبحنا نقرأ الآن خبر الفتاة المختلة التي بلعت كمية من الحبوب أو التي أشعلت النار في نفسها أو التي تهوم في الشوارع على غير هدى شعثاء غبراء، أو تلك التي يعثر عليها في الأسواق أو الأماكن المشبوهة، كل هؤلاء ضحايا، لم يجدن بسهولة الباب الذي يطرقنه فيحتويهن ويقدم لهن النصح ويعاقب أي فرد من أفراد العائلة كان سبباً في أزمة كهذه. صحيح أن بعض الفتيات قد يتعرضن للقتل أو الحبس أو التضييق المنزلي، لكن كل ذلك أهون من إغلاق الباب أمام فتاة في أزمة ولا تجد من ينجدها، مثل هذه الحالة وهذا الإهمال سوف يفاقم المشكلة أو الظاهرة الناتجة للأسف عن أسباب كثيرة نعرفها جيدا، مواطنين ومسؤولين، لكننا نغض الطرف عن أكثرها، مكتفين في أفضل الظروف بترديد الأسباب التي أوردها مسؤول الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة. إن أبرز الأسباب التي تجعل الفتاة تودع الأهل كارهة:
1- الامتناع عن تزويج الفتاة، أما لطمع في راتب تحصل عليه، وإما لأسباب قد يراها أي فرد في العائلة مثل اختلاف العائلة أو القبيلة.
2- منعها حقها في ميراث أو خروج أو تعليم أو وظيفة.
3- تسلط الأب والإخوان وأي ذكر في العائلة على الفتاة مهما كان مستواها التعليمي أو سنها.
4- التفكك الأسري الناتج عن وفاة الأم ووجود زوجة للأب.
5- البخل الذي ينعكس على مظهر الفتاة وأبسط حاجاتها المادية.
6- عدم وجود نوافذ صريحة وواضحة ومعلن عنها لتقديم النصح للأسر، وكذلك توضيح الضوابط القانونية التي ينبغي على أرباب الأسر الالتزام بها تجاه من يعولون من الفتيات والفتيان. مثل هذه النوافذ سوف تساهم في الحد من هذه الظاهرة، وسوف توقف العديد من أولياء الأمور من الجنسين عند حدهم بموجب القانون، وبدون ذلك سوف يستمر هذا المسلسل المؤسف، وسوف تلاحقنا لعنة وأد بناتنا وهن أحياء!
فاكس 012054137