عُرف عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حرصه الدائم على تقوية العلاقات العربية العربية، وتصفية الأجواء التي قد تشحنها بعض الأحداث؛ وذلك من أجل تقوية جانب العرب؛ حتى يكونوا قادرين على حل قضاياهم.
وتأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين لسوريا الشقيقة في إطار الزيارات والمشاورات التي يجريها المليك مع قادة الدول العربية للتباحث حول قضايا العرب والمسلمين، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل ما يعانيه المسجد الأقصى اليوم من حصار ظالم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي؛ الأمر الذي ينذر باندلاع أعمال عنف كبيرة.
وجميعنا يتذكر خطاب المليك التاريخي في قمة الكويت الاقتصادية مطلع العام الحالي عندما قلب الأجواء من تشاؤمية إلى تفاؤلية بإعلانه تجاوز الخلافات التاريخية وفتح (باب الأخوة العربية والوحدة لكل العرب دون استثناء أو تحفظ... نابذين خلافاتنا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص مستشهدين بقوله تعالى:{وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}).
ونلاحظ أن المليك لا يكاد يفوّت فرصة للتلاقي والتآخي بين الأخوة الزعماء؛ فتارة يجمع عدداً منهم في الرياض لحضور مناسبة، وتارة أخرى يقوم بجولة لزيارتهم في بلدانهم. ولا شك أن في ذلك خيرا كثيرا للعرب؛ لأن لقاءات القمة هذه تذيب كثيراً من الحواجز التي قد تنشأ بسبب الظروف السياسية المحيطة، التي لا يمكن تجاوزها بعد فضل من الله إلا بحكمة القادة ونفاذ بصيرتهم، وحرصهم على لمّ الشمل العربي لمواجهة أعدائهم المتربصين بهم. وهذه الزيارة إلى سوريا الشقيقة تؤكد أن ما بين المملكة وسوريا تاريخ وحاضر ومستقبل مشترك؛ فالمملكة دولة عربية وإسلامية كبيرة بمقوماتها الدينية والاقتصادية والتاريخية، وسوريا دولة كبيرة بعمقها الحضاري الإسلامي والعروبي، وأي تلاق بين الدولتين سيعود بالخير على العرب والمسلمين جميعاً.
كما أن هذه الزيارة تأتي تزامناً مع الاحتفالات بذكرى النصر عام 1973م، وهي ذكرى عزيزة تؤكد أن العرب قادرون على أن ينتصروا متى ما توحدوا ونبذوا خلافاتهم وراء ظهورهم وتطلعوا للمستقبل.