«الجزيرة» - عبدالله الهاجري:
يبدأ هذا الأسبوع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارته الرسمية إلى الجمهورية العربية السورية يبحث من خلال لقائه بالرئيس السوري بشار الأسد العلاقات الثنائية والأوضاع على الساحتين العربية والدولية.
وفقاً لبيان من الديوان الملكي وبيان للرئاسة السورية أمس الأول أن خادم الحرمين سيقوم بزيارة رسمية إلى سورية خلال الأسبوع الجاري فيما أكدت وسائل إعلام سورية أمس الثلاثاء أن زيارة خادم الحرمين تستمر يومين وتقتصر على دمشق.
وقد وصلت أمس الوفود الإعلامية السعودية المرافقة للملك عبدالله إلى دمشق، وكان سبقها وفد من التشريفات الملكية والحرس الملكي تمهيداً للزيارة، وملأت فندق الفصول الأربعة الذي استنفر كل كوادره لاستقبال الوفد السعودي وكذلك فعل فندق الشيراتون.
ولوحظ إقامة السفارة السعودية مكتباً لها في بهو الفندق لخدمة الوفود التي سبقت وصول الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وطبقاً لتصريحات إعلامية سورية فإنه سيرافق خادم الحرمين في زيارته كل من وزير الاستخبارات صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ووزير الثقافة والإعلام عبدالعزيز خوجة ووزير العمل الدكتور غازي القصيبي ومستشار الملك صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن عبدالله.
متابعة واهتمام عربي بالزيارة
وفي عشية الزيارة المنتظرة يترقب المتابعون نتائج هذه الزيارة التي ستلقي بظلالها على المحيط العربي لاسيما ولما للدولتين من ثقل عربي وبالذات في لبنان والعراق، فيما وضعت مصادر عربية متابعة الزيارة في سياقها العربي والإقليمي، خصوصاً في ظل محاولة تحسين أجواء العمل العربي المشترك، وتحليل الوضع السياسي في المنطقة ولاسيما في العراق وفلسطين وعملية السلام.
ورأى مراقبون عرب أن تحمل زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى دمشق في هذا الوقت مؤشرات عدة، أهمها الدلالة على التحسن الكبير الذي طرأ على العلاقات بين البلدين، والتشاور حول أوضاع المنطقة، والدور الذي يمكن للبلدين الشقيقين القيام به من أجل تعزيز الموقف العربي في مختلف القضايا، وفي مقدمها قضية السلام والرفض الإسرائيلي للمبادرة الأمريكية والتهديدات التي تواجه المنطقة بسبب سياسات إسرائيل، كما سيتم البحث في العلاقات العربية - العربية.
تحسن إيجابي في العلاقات السعودية - السورية
وشهدت العلاقة السعودية - السورية تحولاً إيجابياً منذ مبادرة المصالحة العربية التي فرضها خادم الحرمين الشريفين على العرب خلال قمة الكويت الاقتصادية كان آخرها تلك المفاجأة في حضور بشار الأسد إلى جدة أثناء افتتاح جامعة الملك عبدالله في ال23 سبتمبر الماضي حيث عقد لقاء مطولاً مع خادم الحرمين انتهت بقبول الملك عبدالله لهذه الزيارة، حيث وصفت مصادر دبلوماسية أجواء اللقاء ب(الإيجابية) مشيرة إلى أن اللقاء كان (ناجحاً بكل المقاييس)، وأنه (تطرق لمجمل الأوضاع العربية والإقليمية)، إذ شددت المصادر على أن العلاقات السعودية - السورية تأخذ إطاراً عربياً وإقليمياً شاملاً ولا تقتصر في البحث على ملف بحد ذاته.
هذا وتتميز العلاقات السعودية السورية بروابط وثيقة وتفاهم وتعاون مشترك يغطي جميع المجالات بما يقدم نموذجاً للعلاقات بين الأشقاء.
وتقف المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز، تقف إلى جانب الشقيقة سورية في قضاياها المصيرية انطلاقاً من دعمها المستمر للقضايا العربية والإسلامية والدفاع عنها.
واعتمدت القيادتان السعودية والسورية التشاور والتنسيق في ما بينهما أساساً لتفعيل التضامن العربي وعودة الحقوق العربية بنصرة القضية الأولى قضية فلسطين, من هنا فإن العلاقات السعودية - السورية تميزت وعلى مر السنين بالقوة والمتانة والأخوة.
وفي إطار العلاقات الأخوية قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حينما كان ولياً للعهد - بأكثر من زيارة لدمشق كما زار الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد المملكة.
كما زار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء دمشق في إطار تمتين هذه العلاقات وتقوية أواصر الأخوة والمحبة.
وسبق أن زار سورية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، إضافة إلى قيام عدد من المسؤولين في المملكة بزيارة سورية ولقاء نظرائهم للبحث في تطوير العلاقات الثنائية.
تاريخ حافل للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين
وترتبط الرياض ودمشق، على الصعيد الاقتصادي، باتفاق تجاري موقع عام 1972م وهناك علاقات تجارية جيدة، إضافة إلى عدد من المشاريع الصناعية وغير الصناعية في الملبوسات والألومنيوم والكابلات والحديد والكومبيوتر والبلاط والرخام والورق ويتوج العلاقات الاقتصادية المتينة اللجنة العليا المشتركة بما تتخذه من قرارات وسعي لتطوير العلاقات على الأصعدة كافة.
أما في المجال الثقافي فقد شاركت المملكة في عدد من المعارض التي تقام في سورية منها معرض الكتاب العربي وفيه شهد جناح المملكة إقبالاً كبيراً على ما عرض من مواضيع وعناوين وتميز فيه موقع وزارة الإعلام بما عرضه من كتيبات ومطبوعات تحكي التطور الذي وصلت إليه المملكة في ظل عهد آل سعود منذ تأسيس المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وحتى الآن.
وفي مجال الرياضة ترتبط الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحاد الرياضي العام في سورية بعلاقات قوية ويتم التنسيق بينهما دائماً لتوحيد الرأي في المحافل الدولية في كل ما يهم ويخدم الشباب العربي وخلال العام الماضي زار الرياض عدد من الوفود الرياضية السورية كما زار دمشق وفود رياضية سعودية في ألعاب القوى والقدم والفروسية.
وفي مجال التعليم فالعلاقات بين البلدين مميزة وتقوم المدارس في المملكة باستقدام المدرسين السوريين وهناك اتفاق ثقافي إعلامي بين البلدين وقعت في مدينة الرياض عام 1414هـ وانبثق عنها برنامج تنفيذي للأعوام الثلاثة الأخيرة الماضية، متضمناً مجال التربية والتعليم العالي والعلوم والثقافة والفن، وبرنامج التعاون التعليمي يشمل المجالات كافة.
تعاون زراعي وتبادل للبحوث العلمية
وفي مجال الزراعة هناك تعاون مثمر بين المملكة وسورية، إذ يتم تبادل البحوث العلمية والاستفادة منها وتبادل الأصول الوراثية لمحاصيل القمح والشعير والحمص والعدس وأشجار الحمضيات واللوزيات والنخيل واستنباط البذور عالية الإنتاجية في المحاصيل المختلفة وبحوث مكافحة التصحر وتنمية المراعي وإداراتها واستخدام المياه والمقنات المائية للمحاصيل وطرق الري الحديثة وتبادل الخبرات في مجال تطوير إنتاج المحاصيل والخضراوات والفواكه والبذور وتطوير الإنتاج السمكي وهناك تعاون في مجال وقاية المزروعات وحماية الثروة الحيوانية والحجر الصحي الزراعي والبيطري.
وفي مجال الصناعة هناك تبادل للمعلومات والدراسات بين هيئتي المواصفات والمقاييس في البلدين حيث تعملان على توحيد المواصفات بينهما، ولاسيما تلك التي تتعلق بالسلع الأكثر تبادلاً بينهما والاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة ومواصلة العمل على تطوير أنظمة الجودة الموحدة المعمول بها في البلدين والتعاون مثمر في إعداد برنامج التوعية وتدريب الكوادر المتخصصة في مجالات التفتيش المختلفة والتنسيق في المواقف واللقاءات الدولية وتبادل الزيارات للمتخصصين في الهيئتين.
بقيت الإشارة أن المملكة العربية السعودية تهدف في سياستها الخارجية إلى الحفاظ على أمنها وعلى وضعها داخل شبه الجزيرة العربية، والدفاع عن العرب والإسلام، وتعزيز التضامن بين الحكومات العربية وكذلك المحافظة على علاقات جيدة من الدول المجاورة المنتجة للنفط والدول المستهلكة له.