من المظاهر السلبية التي كانت تكثر في رمضان وفي إجازة العيد وفي أيام العيد.. مظاهر (التسوُّل) والشحاذة التي تملأ كل مكان.. غير أنها في هذه السنة.. سواء في رمضان أو في العيد.. تراجعت بشكل واضح.. ويبدو أنّ الحملات التي قادتها وتقودها الجهات المسئولة.. قد حققت نتائج إيجابية.
** في رمضان الماضي.. كان يندر أن تنتهي الصلاة دون أن يقف ثلاثة كحد أدنى يشحذون.. وعندما تهمّ بالخروج من المسجد تجد مثلهم أو أضعافهم على الأبواب.. تجد من يتبعك وأنت تمشي.. أو يقف عند باب سيارتك.. بل هناك من يطرق البيوت ويلح في الطرق ويلاحق الناس وبإلحاح.
** هذه السنة.. خفّت هذه السلوكيات كثيراً وتراجعت بشكل واضح.
** والذين يتسوّلون عادة في المساجد أو الغالب عليهم.. أنهم من فئة واحدة ولهم طريقة واحدة.. وهي ادعاء أنّ عليه (ديات) أو متحمّل (ديات) أو أنّ (أخاه) حصل له حادث سيارة وحكمت عليه المحكمة بعدّة ديات دفع منها المقسوم وبقي عليه بعض الديات ويريد من أهل الخير سدادها، ثم يفرش على الأرض أوراقاً مدّعياً أنها الصك الشرعي، وهي ليست صكوكاً بل أوراق كُتبت هكذا تشبه الصك، ثم يبدأ أهل الخير في إعطاء ما تجود به أنفسهم ويشجعون هؤلاء على هذه السلوكيات التي تسيء للمسجد وتفسد خشوع المصلين، وتُفسد عليهم بعد الصلاة.. الذِّكر والتسبيح، وتصرف المسجد عن رسالته إلى رسالة أخرى قائمة على التسوُّل والشحاذة والتمصلح والارتزاق بطريقة مزرية، تهدف إلى استدرار عطف الناس وقت الصلاة وأثناء وجودهم في المسجد أو في رمضان.
** والمشكلة أنه خلال الثلاث سنوات الأخيرة تضاعف عدد المتسوّلين عدّة مرات.. حتى تحوّلت المساجد والشوارع والأسواق ومواقف السيارات والساحات العامة ومداخل الدوائر والمؤسسات وكل مكان.. تحوّل إلى ميدان يسرح فيه هؤلاء الشحاذون الذين قرروا اتخاذ الشحاذة حرفة ومهنة للارتزاق والكسب.. مستغلّين العاطفة الجيّاشة عند البعض.. ومستغلّين بساطة بعض من يصدق هذه الادعاءات الكاذبة.. فأكثر هؤلاء الشحاذين شباب، وكلهم أو أكثرهم يكرّر نفس مبرّر الشحاذة.. وهي تراكم الديات أو عجزه عن دفع إيجار المنزل إذ إنه يعول يتامى.
** هذه هي أبرز الأعذار.. ثم يليها من يشتكي من مرض يحتاج إلى علاج وهكذا.. ونحن مشكلتنا أننا نصدق وندفع هنا وهناك، حتى اتجهت أموالنا يميناً ويساراً، بل تُحول بعضها شوكة في نحورنا فيما لو اتجهت لا سمح الله للإرهاب والإرهابيين.
** نعم.. علينا أن نزكِّي ونتصدّق ونبذل ونُعطي وننفق في سبيل الله.. ولكن..علينا أن ندرك أنّ الزمن اختلف.. والأمور تعقّدت.
** علينا أن نتحقّق ونتثبّت قبل أن نبذل ونعطي.
** لنا أقارب نعرفهم محتاجين..
** ولنا زملاء وجيران ومعارف ندرك حاجتهم.
** وهناك جمعيات خيرية وإنسانية موثوقة.. لماذا لا نوجِّه أموالنا لها؟
** هذه الجمعيات تقوم نيابة عنا.. بالبحث عن الفقراء والمحتاجين بطرق مدروسة، وتصل إليهم وتوصل المساعدات لهم وتضمن وصول الزكاة والصدقات لمستحقيها.
** إنّ مشكلة بعض الشحاذين أنه يتحوّل أحياناً وهو يلاحقك ويلح عليك.. يتحوّل من إنسان مستعطف ودود.. إلى شخص آخر أشبه ما يكون بمن يلزمك بالدفع أو يهدّدك.. ومعنى هذا أنّ جموع الشحاذين إذا لم تُضبَط فقد تتحوّل إلى جماعات سلب ونهب ونشل تربك الأمن ويصعب السيطرة عليها.
** إنّ على الجهات المعنيّة أن تواصل حملتها الناجحة على هذه الجموع التي أساءت إلى بلدنا وشوَّهت سمعتنا واستغلّت طيبتنا وأخذت هذا الأمر مجرّد ارتزاق ووسائل كسب.
** ونحن نشكرها على جهودها ومنجزاتها.. ونسأل الله أن تختفي هذه الظاهرة بشكل نهائي من مساجدنا وأسواقنا.