حينما بدأت الإذاعات العربية في البلدان العربية والإسلامية، أو الإذاعات العربية الموجهة في الخارج، في بداية تأسيسها بإذاعة أصوات التلاوات القرآنية لمشاهير القراء قبل عدة عقود، كان هذا الأمر حدثاً عظيماً، بل إنه أحدث نقلة نوعية، ولاسيما في البلدان التي لم تكن تزخر بالقراء المتميزين، وتطور الأمر بعد خروج التسجيلات، سواء في الاسطوانات أم في الكاسيت، ثم تواصلت عجلة الصناعة والتقنية الحديثة في مسيرة الحياة الإنسانية التي لا تتوقف، ففي كل يوم تتقدم عجلة الحياة، ويتم الانتقال من القديم إلى الحديث، ومن الحسن إلى الأحسن، فتذلل صعوبات ويكتشف حديث.
والتقنيات الحديثة التي سخرت في مجال المعلومات والاتصالات، أفيد منها في مجال البحوث والدراسات الإسلامية، وفي القرآن الكريم، والسنة النبوية، فأصبح بإمكان الباحث والدارس والقارئ في أي مكان وزمان القراءة، والاستماع لنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، سواء في المنزل، أو المكتب، أو السيارة، من خلال الأقراص المدمجة، أو عبر الشبكة العنكبوتية، أو أجهزة الحاسوب الكفية، وحتى أجهزة الهاتف المحمول. وحينما ينظم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ندوة (القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة - تقنيات المعلومات)، فإننا نلتمس -بإذن الله- آثاراً إيجابية، ونتائج طيبة لهذه الندوة، حينما يقدم المختصون بحوثهم المتخصصة في هذا المجال، ونأمل أن ينعكس هذا على أداء الجمعيات، والمراكز، والمؤسسات القائمة في خدمة القرآن الكريم وأهله، حينما يتم الاستفادة من التقنية الحديثة، وتطويعها في خدمة القرآن الكريم تعلماً وتعليماً، وحتى للراغبين في الاستماع أو البحث، وحينما تساير الجمعيات القرآنية الركب في تطويع التقنية، والاستفادة منها، فإنها تسهم في جذب الشباب والناشئة أيضاً إلى كتاب الله الكريم، وهم الذين تستهويهم التقنية الحديثة وتطبيقاتها، وخاصة في مجال الحاسوبات الشخصية أو العامة، وقد أصبح في مقدور كل إنسان أن يحمل في جهاز هاتفه المحمول نسخة كاملة من المصحف للقراءة، وأخرى مسموعة، مع التفسير أو تراجم معاني القرآن الكريم، والبحث أيضاً عن الكلمة في المصحف، وهذا الجهاز الصغير يمكن الاستفادة منه في أي وقت وفي أي مكان، ولا يتطلب تشغيله سوى لمسة بسيطة بطرف الإبهام.
وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم في بلادنا -ولله الحمد- لما تلقاه من عناية واهتمام من القائمين عليها، والداعمين لها مادياً ومعنوياً، لم تتأخر من الاستفادة من هذه التقنيات، فقد أوجدت الآليات، ووظفت الإمكانيات في خدمة القرآن الكريم عبر وسيلة العصر (التقنية)، سواء في برامجها الإدارية والمالية، أم في برامج التعليم، مما أسهم في زيادة مناشطها على أوسع نطاق، فتعدى المجتمع المحلي داخل الحلقات إلى آفاق أوسع عبر العالم، ولعلي هنا أستشهد بالمقرأة الإلكترونية في جدة وهي إحدى جمعياتنا الرائدة، هذه المقرأة التي ينتسب إليها تعليماً المئات يومياً عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
وإنني على ثقة كبيرة بأن ما سيتحقق -بإذن الله- عقب الندوة الشيء الكثير والكثير، ليس في جمعياتنا فحسب، بل في جميع المراكز والمؤسسات المعنية بخدمة أهل القرآن.
alomari 1420@yahoo.com