لست من يرفع مقام الشيخ سليمان بن عبدالعزيز الراجحي إذا ذكرت محاسنه، ولست كذلك ممن يسخر قلمه ليستعطي فالله أغناني من فضله. ولكن الرجل رفع مقامه بأفعاله وأقواله حتى بات نموذجاً أطالب أبناءه بتقديمه للعالم أولا ولأبنائنا في المجتمع السعودي ثانيا كنموذج لرجل الأعمال السعودي المسلم الذي تمثل قيم ومفاهيم الإسلام وأخلاقه قولا وفعلا، كما طرح الغرب رجال أعماله للعالم مثل وارن بافيت وبيل غيتس وجاك ويلش وغيرهم كنماذج يفتخرون بها ويدعون العالم للاحتذاء بها فكرا وقولا وفعلا، ولعل هذا النموذج يطغى على ما قدمناه من نماذج وقادة للإرهاب.
سليمان الراجحي الذي اعتبر أمير منطقة حائل الأمير سعود بن عبدالمحسن إقامته لمشروع استثماري ضخم وإيقافه بكامل قيمته (700 مليون ريال) لأهالي منطقة حائل وجمعياتها الخيرية وهو الذي بدأ العمل بربع ريال بحد ذاته درس كبير جداً للأبناء والإخوان في بلادنا، هو نفسه الرجل الذي طور مشاريع استثمارية كثيرة ومتنوعة تشكل بحد ذاتها قمة فلسفة المسؤولية الاجتماعية؛ حيث تساهم هذه المشاريع في توفير الكثير من السلع والخدمات بجودة عالية وبشكل مستدام وبأسعار متناولة رغم ضعف إيراداتها وعظم جهودها إذا ما قورنت باستثمارات مالية أخرى.
نعم، إن استثمار مجموعة سليمان الراجحي في القطاع الزراعي على سبيل المثال وهو قطاع عالي المخاطر ضعيف الإيرادات مقارنة بكثير من القطاعات يعتبر تعبيرا أصيلا عن التزام الرجل بمسؤوليته تجاه مجتمعه وبيئته التي نشط وعمل بها ونجح في تحقيق ثروته من خلالها، فالوطنية الزراعية والوطنية لإنتاج الدواجن ومشاريع الربيان العملاقة والاستثمارات الزراعية الخارجية التي تساهم في مجملها في تأمين المنتجات الغذائية الزراعية والحيوانية وتساهم في تنمية مقومات الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي في بلادنا والبلاد العربية المجاوة كلها دلائل تشير إلى التزام الشيخ سليمان الراجحي بمسؤولياته تجاه المجتمع من خلال نوعية وجودة المشاريع التي يستثمر بها أمواله.
يقول لي أحد الأصدقاء ممن زار الوطنية للدواجن في القصيم إن سليمان الراجحي رد على أحد المتسائلين عن سبب استثمار الراجحي لحوالي ثلاثة مليارات ريال في استثمار عالي المخاطر يحقق حينها عائد بحدود 2 - 3% رغم الجهود الكبيرة لتطوير هذا الاستثمار مقارنة بمجالات كانت تحقق في ذلك الحين أكثر من 10% بقليل من الجهد بقوله إن حق بلادنا علينا أن نستثمر الأموال التي جنيناها من رحمها فيها بما يساهم في تحقيق أهدافها التنموية باستثمارات اقتصادية حقيقية تساهم في تحقيق الأمن الغذائي لبلادنا، وأنه لا يؤمن بنقل الأموال للبنوك الغربية ليحصل على عوائد مسجلة على الأوراق بينما ينعم الآخرون بتلك الأموال بضخها في شرايين اقتصادهم الحقيقي المولد للفرص الاستثمارية والوظائف.
ولعمري هذه هي المسؤولية الاجتماعية والتي عززها الراجحي باستثمار صيغة الوقف للتعبير عن مسؤوليته الاجتماعية بإيقاف مثل هذا المشروع العملاق فضلا عما أوقفه سابقا وأصاب الكثير من أبناء بلادنا بالخير الكثير، لاشك أن مثل هذا الرجل قليل ونطمح أن نرى من يقتدي بفكره وفعله الكثير فالمسؤولية الاجتماعية للشركات ولرجال الأعمال تشكل ذراع التنمية الثالث جنبا إلى جنب مع ذراعي القطاع الحكومي والقطاع الخاص ولا تنمية متكاملة دون تفعيل هذا الذراع فكرا وتطبيقا وإنجازا، فهل يحذو الميسورون من رجال الأعمال في بلادنا حذو الشيخ سليمان!
alakil@hotmail.com