Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/10/2009 G Issue 13530
الاربعاء 25 شوال 1430   العدد  13530
أنت
من وحي اليوم الوطني فك أسر التعليم
م. عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

 

في كل المجتمعات الإنسانية ترتبط عملية التربية والتعليم من حيث الأهداف والمحتوى والوسائل بالقوى المسيطرة.. فليس هناك تعليم محايد مجرد.. بل هناك تعليم يخدم أهداف من يسيطر عليه سواء بطرق واضحة صريحة مباشرة من خلال المنهج الرسمي.. أو بطرق خفية مخادعة وغير مباشرة.. كما تفعل جماعات الضغط والمصالح وقوى التأثير والنفوذ في المجتمع التعليمي.. الذين لهم أجندة خاصة وأهداف ضمنية تتجسد في تعليم مضمر ومنهج خفي يتسلل إلى الوسائل المختلفة وغالباً ما يتعارض مع المنهج الرسمي.. وأحياناً يتعارض مع المصلحة الوطنية.

في دراسة أجرتها مؤسسة تعليمية أمريكية لتحديد أكبر عشر مشاكل تواجهها المجتمعات الإنسانية وجدواها حسب التسلسل: (الديمقراطية، الأمراض، التعليم، الطاقة، البيئة، الغذاء، السكان، الفقر، الحرب، المياه).. وبعرض هذه النتيجة على علماء ممن فازوا بجوائز نوبل للعلوم اتفقوا على أن هذه المشاكل العشر يمكن اختصارها في مشكلتين اثنتين وبحلهما تحل المشاكل الثماني الأخرى.. وحددوا مشكلتي التعليم والطاقة.. فالتعليم سوف يحل مشاكل الديمقراطية، والأمراض، والفقر، والسكان، والحرب.. بينما الطاقة سوف تحل مشاكل البيئة والغذاء والمياه.

وإذا أردنا أن نطبق هذا الكلام على بلادنا فسنجد أن ثلث طاقة البشرية تكتنزها أرضنا.. ولكن بقي التعليم الذي وصف الأمير خالد الفيصل حاله بأنه مقيد بالمنهج الخفي.. واليوم كلنا يرى ثورة في التعليم العالي التي توجت بتدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.. واليوم أيضاً نرى الحركة الدؤوبة التي تجتاح وزارة التربية والتعليم.. وأكاد أجزم بمستقبل مشرق يحفظنا ويحفظ أبناءنا من بعدنا حينما يجمع لنا قادتنا وولاة أمرنا بين نعمتي الطاقة والتعليم.

والتعليم لا يؤسر فكرياً فقط.. ولكن يمكن أيضاً أسره من خلال فلسفته وآليات تطبيقه.. وهي محاور مهمة في تعليم أي مجتمع يريد أن يتقدم.. ولو أخذت مثالاً على ما أعنيه بفلسفة التعليم, فالمناهج التعليمية لدينا تقدم المحتويات الدراسية في نصوص محكمة الصياغة.. ذهنية المضمون.. منطقية المنحى.. ملزمة المعنى.. وهذا جميل لكنها تُهمل دور الخيال في تطوير اللغة وتنمية التفكير وتحسين الذائقة.. وما ذلك إلا لشيوع النظرة القاصرة تجاه الخيال.. ومن ذلك القصص.. لأننا ننظر إليها على أساس أنها للتلهي والتسلية فقط.

أما آليات التطبيق فانظروا إلى ما فعله التعليم في الشعر.. الذي هو ديوان العرب.. والموسيقى الحلال.. والإبداع السهل للتلقي والقبول والحفظ.. والذي هو بيان لغتنا التي أنزل الله منها معجزة ديننا.. الشعر هذا الفن الراقي.. تم تنفير أبنائنا منه بطرق تدريسه العتيقة.. واختيارات نصوصه التقليدية الجامدة.. إضافة إلى التلقين بالإكراه الذي ولد نفوراً نراه اليوم في عجز أبنائنا الكامل عن حفظ أجمل الكلام.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد