هل جربت أن تقف مع نفسك وقفة محاسبة؟
هل جربت أن تنظر إلى عيوب الآخرين وتقارنها بعيوبك؟
أسئلة أعتقد أن جوابها لدى الكثير منا نفيا، فنحن كثيرا ما نتذكر إيجابياتنا ولكننا نادراً ما نتذكر سلبياتنا، لا أريد أن يصرخ أحدكم قائلاً النظر إلى الخلف تحطيم أو تأخير لعجلة التقدم، فأنا أدرك ذلك جيداً بل إنني من أشد المنادين بنسيان الماضي، ولكن هذا لا يعني أن يقف الإنسان محاسباً نفسه بين فترة وأخرى، لا متحسرا على ما مضى ولكن مستفيدا ومعتبراً من كل خطوة خطاها في حياته سواء في علاقته مع ربه أو في علاقته مع الناس.
كنت اقرأ في كتاب للصديق اللواء عبدالله السعدون وهو عبارة عن سيرة ذاتية ممتعة لهذا الرجل العصامي بكل ما تعنيه الكلمة الوفي بكل دلالات المعنى، وتوقفت أكثر من مرة، لأنه جرني إلى الوراء وكأنه يتحدث عن مرحلة عشناها سويا وما ذلك إلا لتشابه البيئات.
سألتني زوجتي وأنا اقرأ وقد بدت على وجهي علامات السرور بهذه القراءة ماذا أعجبك حتى تكاد عيناك أن تنطق؟ قلت لقد أعادني المؤلف إلى مراحل الصبا، لقد جعلني أعيش الماضي برائحة البساطة والعفوية والحب والتفاؤل، قلت لها ما أجمله من ماض على الرغم من عدم بعده إلا أن ما حدث خلال عقود ثلاثة هو أكبر بكثير من أن يستوعبه العقل.
لو أردنا أن نفصل في ذلك لطال بنا المقام ولكن الذي يجمع كل هذا هو أننا نعيش في زمن بات صاخباً مزعجاً بكل ما تعنيه الكلمة، صاخبا ومزعجاً فكريا وثقافياً وحضاريا وإنسانياً وسياسياً، وكل ما يخطر على بالك.
السؤال الذي يطرح نفسه.. هل هذا هو ثمن الحياة المترفة؟ في اعتقادي أن لا علاقة بحياة الترف وهذا الصخب المتنوع، ولكن الذي أعتقده أن إنسان هذا الزمن لم يعد إنسان الزمن الماضي وجدانياً، وما ذلك إلا بسبب عدم فهمنا للحياة على الرغم من كثرة المتعلمين ومؤسسات التعليم، ومراكز التفكير والإبداع، الحب أصبح من أجل المصالح، والولاء من أجل الهبات والعطايا، ولم يعد للواصلين، مكان ولا زمان فالكل صار مزيفاً.
أعود وأقول: هل منا من وقف مع نفسه وقفة محاسبة جادة وحاول تذكر ما مضى من عمره وماذا قدم وماذا أفسد ليتدارك عمره قبل أن يفاجأ بالقضاء آخر دقيقة وهو ما زال يلهث ويلهث في طريق لا نهاية له، هل راجعنا حساباتنا وتعرفنا على نقاط الخلل في علاقتنا مع ربنا وعلاقتنا مع خلقه.؟ أكثر من سؤال تبحث عن إجابات شافية.
إن كتابة السيرة الذاتية، أو على الأقل تذكر السيرة الذاتية يمنح الإنسان فضاء رحبا من التأمل والمراجعة، بل إنه يهب الإنسان فرصة شكر الله على كل ما تفضل به عليه وأنعم.
طفولة ومراهقة وشباب ومن ثم كهولة وشيخوخة ورحيل، هذا لمن أمد الله في أجله، تجعل متذكر هذه المراحل المختلفة يعيش مع نفسه ساعات بل أيام وليال فيها من العبر والدروس ما يجعل الموفقين يتداركون ما مضى ويصلحون ما بقي.
اكتب سيرتك الذاتية بقلمك أو بقلبك فذلك مدعاة لشكر الله المتفضل المتنعم عليك بكل دقيقة مرت وكل دقيقة بقيت.
اللهم إنا لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فهب لنا قلوباً ذاكرة وألسنا شاكرة.
almajd858@hotmail.com