العالم رفع صوته عاليا تجاه آفة التدخين وحاصر نافثي سمومه في الفضاء المجتمعي وحدد أماكن معزولة ليمارسوا فيها حرق أجسادهم دون ضرر على الآخرين. هذه الإجراءات والتنظيمات أصبحت تطبق بصرامة وحرص في الكثير من دول العالم بدعم من جميع أفراد المجتمع في سياق المسؤولية الفردية والمجتمعية لمحاصرة ظاهرة تمثل بعدا اقتصاديا عملاقا لتجارة تمثل الصندوق الأسود لكثير من الأمراض القاتلة التي تصيب الإنسان.
وقد ألزمت الكثير من الدول نفسها بطيف متنوع من الإجراءات متجاوزة ضغوطات أصحاب الصناعة القاتلة ومحاولات تعطيل مشاريع مرورها والتي تمثل اليوم أحد أهم الحواجز التي تصد موجات اندفاع الأجيال الجديدة من الجنسين نحو هذه الآفة!, وعلى الرغم من ازدياد أعداد المدخنين في جميع دول العالم تقريبا فإن الجميع يجمع على ان هذه الإجراءات قادرة على تخفيض مساحات التدخين المتاحة وتوعية الضحايا المحتملين بشكل يساهم في تباطؤ هذه الزيادة وحماية حقوق غير المدخنين بعدم دفعهم ضريبة صحية تكلفهم دونما مبرر.
وفي وطننا العزيز بدأنا نلحظ اتجاها ووعيا متزايد نحو تطبيق عدد من الإجراءات والتشريعات في مواجهة القاتل الصامت ( التدخين ( لكننا بالمقابل ما نزال نؤمل في صرامة تطبيق الأنظمة وفي تنوع الوسائل فعلى سبيل المثال ما تزال تحذيرات عدم التدخين وأضراره الصحية جزءا من تصميم علب السجائر بخط رفيع لا يكاد يرى دون ( مكبر) وكان علبة السجائر قطعة من الشوكولا, بينما في كثير من دول العالم؛ بل وبعض الدول العربية تجد بان التحذير يحتل نصف العلبة بخط واضح يشعر المرء معه بأنه يشتري سكينا أو سما لقتل نفسه, بل ان بعض الدول تجاوزت مجرد إبراز التحذير إلى إلزام شركات التبغ بوضع صور مخيفة لرئات أحرقتها السجائر تكفي رؤيتها لصد المدخن البصير, فلعلنا نلتزم بما التزم به الآخرون, فدرهم وقاية، كما يقال، خير من درهم علاج قد لا ينفع حين يأتي متأخرا!
****