تقدّم مركز السمع على مركز البصر إعجاز إلهي في جسم الإنسان توصل إليه العلم الحديث، في حين سبق القرآن هذا العلم في إثبات ذلك في عدة آيات منها: قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: 78)، وقوله: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً..} (الأحقاف: 26)، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} (المؤمنون: 78). كذلك قرن السمع بالبصر ..................
بالفؤاد لاعتبارات عدة لعل أهمها كون الفؤاد يوثّق أو يقبل أو يرفض ما يعبر الأذن أو يلامس البصر.
والإعجاز الإلهي في القرآن إعجاز بياني أو بلاغي، إعجاز تصويري أو تعبيري، إعجاز علمي، إعجاز رقمي، إعجاز إصلاحي أو تشريعي. ولأن من المهم الوقوف على هذا الإعجاز انتبهنا إلى تهاون المناهج الدراسية في الاهتمام بأنواع الإعجاز المتعددة والتركيز على الإصلاحي والتشريعي منها فقط. وهذا التفرد الإلهي تتولى إدراكه حواس من وهبه الله نعمة العقل والتبصر أو التأمل والتركيز الدقيق أو الذكاء الفطن. وعلى حاسة السمع والبصر والعقل تقع المسؤولية، فما كل مبصر، مبصر في الواقع أو الحقيقة، وليس كل مستمع، مستمع دقيق، وليس كل عقل استقر في جمجمة شخص استحق هذا العقل أو استحقه. وإلا لما شبه فئة من العصاة بالخشب المسندة. وما أكثر هذه الأخشاب الملقاة في طريقنا نحسبها كائنات بشرية وما هي كذلك، للأسف.
نحن في الواقع لا نبصر إلا ما يقع أمام أعيننا، في حين يمكننا سماع من يتحدث في أي مكان أو جهة أو ناحية كان.. نستطيع التقاط الأصوات وإن كانت أعيننا مغمضة ثم تمييزها أو فهم واستيعاب ما تقول، قبوله أو رفضه ومخالفته.. بحيث نؤكد أن أنكر الأصوات لصوت الحمير!!!
حاسة السمع تربط صوت من نحب وتعقده في أفئدتنا وما أن نبصره حتى يحلق لرؤيته الفؤاد..
حاسة السمع تكمن في سماع ما لا يمكن سماعه بالأذن، كيف لا يكون ذلك والعلم ذكر أن هذه الحاسة تبدأ في العمل من الشهر الرابع للحمل، ويستطيع الجنين سماع الأصوات الخارجية وصوت أمه والأصوات التي تصدر داخل جهازها الهضمي. أيضاً ذكروا أن التصوير لابد له من حاسة السمع، ذكر ذلك الدكتور عبدالرزاق نوفل في كتابه: (وما خفي كان أعظم). ومن عظمة الخالق أنه مكّن النبي سليمان من سماع النمل، وقد حاول بعض العلماء إنكار حقيقة كلام النمل إلى أن استطاع العالم (روبرت هيكلنغ) أن يسجِّل أصوات النَّمْل في عام 97م وكانت المرة الأولى التي تمكّن فيها الإنسان من سماع صوتها وإثبات أن لكل نوع منها صوت مختلف، وكان أن أثبت قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} (النمل: 18، 19) وقد نشر روبرت عدة أبحاث ودراسات في هذا الإعجاز الصوتي للنمل.
ولأن حاسة السمع مهمة أو أن الجهاز السمعي حساس فعلينا أن نكون أكثر حذراً من أن نعرضها إلى ما يؤذيها، وقد قرأت أن فتاة في جنوب الصين فقدت حاسة السمع في أذنها اليسرى إثر قبلة عنيفة!!
ولأنك لا تتصور نفسك بدون تلك الحاسة أو قد تفقد مرونة اتصالك بالمحيط الخارجي عند فقدك لهذه الحاسة إذاً يفترض أن لا تحافظ على سلامتها فقط، بل وتجعلها السبيل إلى بصرك وعقلك كي يتأمل ويتفكر ثم اجعلني إن لم أسمع منك، أسمع عنك وأبصر ما يرسخك في الفؤاد.
Happyleo2007@hotmail.com