Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/10/2009 G Issue 13537
الاربعاء 02 ذو القعدة 1430   العدد  13537
نهارات أخرى
الحاجة ماسة إلى مركز لقياس الرأي!
فاطمة العتيبي

 

الاختلاف في المجتمع ظاهرة صحية، فهو دلالة على تبلور مفهوم حرية التعبير والشفافية والمشاركة في الرأي، ولا شك أن تلك جوانب مهمة في الإصلاح الذي تنشده الدولة لمجتمعها.

لكن الملاحظ على مجتمعنا السعودي هو الضجيج من فئة على حساب أخرى, وتكون الغلبة لمن هو أعلى صوتاً, وليس لمن هو أكثر موضوعية.

وسبب ذلك في رأيي هو غياب صوت الأغلبية الصامتة التي تنأى بنفسها عن الصخب والتناطح والتشاد بين المؤيِّدين والرافضين وتلك نقطة سلبية ولا شك لأن الصمت والامتناع عن الإدلاء بالرأي حيال قضية ما مع القدرة على ذلك هو تخاذل وطني غير مقبول, وانتظار لمن تكون الغلبة والمشاركة في اقتسام الكعكة هو أسلوب لا يليق بالمفكِّرين والمؤثِّرين في الرأي العام.

حل هذه الإشكالية يكمن في التسريع بإنشاء مركز قياس رأي منظّم ومستقل وغير خاضع للضغوط من أي اتجاه كان، يصبح مرجعاً مهماً للحكومة عند صناعة القرار.

لقد سمح غياب مراكز قياس الرأي إلى لجوء البعض إلى مواقع الإنترنت ورسائل الجوال لإحداث ضجيج مدوٍّ وهو الذي قد يكون من فئة قليلة لكنها تجيد مهارة تجييش الأصوات ضد تغيير ما.

لقد حلمت منذ خمس سنوات بإنشاء مركز قياس للرأي تتبناه مجلة المعرفة التي أعمل مديرةً لتحريرها، في وزارة التربية والتعليم، وقدّمت تصوراً عنه للوزير الرشيد, ثم للوزير العبيد، ثم للأمير نائب الوزير خالد المقرن وتاه الحلم قبل أن يدخل حيناً، وحيناً وصل ولكنه خفت بين طلب الإفادة وإبداء الرأي.

اليوم كبر الحلم بحجم الوطن الكبير ولم تعد حدوده مؤطّرة بوزارة واحدة، إنني أتمنى أن تنشئ الدولة وهي ماضية في طريق إصلاحها مركزاً مستقلاً لقياس الرأي يشرف عليه مجلس الشورى ويراقب نزاهته القضاء ويكون يعينها في صناعة قرار وتغيير يقبل الناس على تبنيه لأنهم وعبر الإدلاء بآرائهم يكونون شركاء فيه.

إنني أتمنى أن يكون لدينا مركز اقتراع للرأي في مختلف قضايانا التعليمية والاجتماعية والاقتصادية حتى لا يعطينا الضجيج الصاخب مؤشرات وهمية لا تساعدنا في استكناه حقيقة الأمر فنعجل حيناً أو نتراجع ونحن تحت تأثير غلبة الصوت العالي.

تستدعي جالوب في اليوم الواحد 1000شخص وتسألهم حول قضية ما وتنشر نتيجة استطلاعهم كل ثلاثة أيام على موقعها في الإنترنت.

(تحصلت جالوب (Gallup poll) على مسماها من وراء اسم منشئها جورج جالوب وهو إحصائي أميركي، أسس المعهد الأميركي للرأي العام، في مدينة برنستون، بولاية نيوجيرسي، في عام 1935، والذي مهَّد في نهاية الأمر لإنشاء منظمة جالوب. ولضمان الاستقلالية والموضوعية، قرَّر الدكتور جالوب أنه سوف يجرى اقتراعات غير مدفوع لها بأي شكل من الأشكال من قبل جماعات الضغط أو المصالح الخاصة).

إننا بحاجة ماسة إلى إنشاء جالوب سعودي، غير مؤدلج يعطي مؤشرات صادقة ونزيهة, يكون عوناً للدولة والمجتمع على التغيير والإصلاح الهادئ بعيداً عن الضجيج والغوغائية.



fatemh2007@hotail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد