يا ربّ يا مبتدا التكوين والأزل |
يا عالم الغيب رب الناس والرسل |
ما كنت أعلم والأسرار خافية |
يدق عن فهمها عقلي ومحتملي |
سرّ السرور وسرّ الحزن منبهم |
أبكي وأضحك مجبولاً على النقل |
أُريد راحة نفسي كيف أبلغها |
بحثت عنها ولم أعثر على أملي |
عشت الحياة وآلامي مبرحة |
مشغولة وأنا منها على شغل |
ملكت في دُنيتي الأموال طائلة |
ما أسعدتني سوى بالجود والعمل |
وتلك بهجة نفسي حين أنفقها |
للمدقعين وللأخيار في عجل |
ومن يظن بأن المال يسعده |
هو الفقير من الإحساس بالمُثل |
لكنه هبة الديان يكسبه |
لمن يشاء وجيب الميت منه خلي |
أرود عمري تُعْييني مقاصده |
مجاهد والأماني تقتفي سبُلي |
أريد شيئاً وأشياء فأدركها |
وما تحقق يدعوني إلى الملل |
أحار في كل شيء وهو يُقلقُني |
به أعيش أسير الفكر والجدل |
وأسأل المعجزات العلم كشفها |
وأنظر الكون آياتٍ من النحل |
أرمي بسهم ظنوني أبتغي أثراً |
يُجيبني عن مصير الدهر والأجل |
وألتقي كل أفكاري محجبة |
إلا من الخوض في الأحلام والهزل |
ما عدت أعرف إلا ما يُخاطبني |
به الشعور يقويني على وجلي |
مَن المعين على دهر فواجعه |
كما الصخور هوت من قمة الجبل |
من شقوة الإنس أن العقل أورثها |
ما يجعل النفس بين الهم والعلل |
ترى التشاغل بالآراب مُلتجأ |
ومهرباً من دواهي الأرض بالحيل |
وما الحياة نعيم أنت ناظره |
إلا على قدر ميسور من الجعل |
كأنك الخادم الموفور مطعمه |
لا أنت تملك ما تحوي من النفل |
الملك أن تملك الأشياء خالدة |
فكيف والدهر موقوت على بدلِ؟ |
كل يغادر عن دنياه مرتضياً |
إلى الغيوب فلا حول لمرتحل |
خذ من زمانك ما تهوى مصانعة |
واضحك له ضحكة المطبوع بالخجل |
وكن إلى غرر الأيام منتبهاً |
لكل ما يحمل السلوى عن الزلل |
تعبت كم أرتجي الآمال تنجدني |
من صولة الظلم والآثام والخطل |
وما يئست ولكني رأيت هدى |
يقودني ضوؤه للخالق الأزلي |
آراه سر نجاتي حين تفجؤني |
من الزمان شكول الحادث الجلل |
كل النفوس بها الآلام ساهرة |
لم تلق إلا الذي يشكو من التّكل |
مقادر شاءها الرحمن مقتدراً |
واللطف يسبق ما ألوي بمتكل |
|