الجزيرة- الثقافية - حازم بن فهد السند:
عشر سنوات, قطعها مكتب (العربية للجميع) للاستشارات التربوية والتعليمية مؤلفاً مناهج لتعليم اللغة العربية, ومشرفاً على تدريب المعلمين في شتى بقاع المعمورة, حتى تحققت إنجازات كبيرة, كماً وكيفاً, مؤسسة الوقف الإسلامي بدأت رعاية هذا البرنامج بعد أن تبلورت فكرته التي تطمح إلى جعل اللغة العربية في مكانها اللائق, فبدأت بداية مدروسة حيث خُصصت السنتان الأوليان لصناعة منهج وثيق محكم لتدريس العربية لغير الناطقين بها وفقاً لأصلح النظريات اللغوية التي توصل إليها العلم الحديث.
يرى الدكتور محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ الرئيس العام لبرنامج (العربية للجميع), أن البرنامج يستهدف في أجندته 6 مليارات متعلم, متبعاً ذلك بأن حق العربية أن تكون اللغة الأولى, وهي التي لم تخدم بما تستحق, ونحن هنا في هذا البرنامج نرى النمو المطرد الكبير كل عام, حيث يتضاعف الطلب في كل سنة, حتى إننا لقدراتنا البشرية والمادية المحدودة لم نعد قادرين على الوفاء بكل الطلبات الملحة في مشرق الأرض ومغربها, المشكلة أن العالم العربي بمؤسساته الرسمية لم يتفطَّن بعد إلى الحاجة الملحة إلى نشر اللغة, مع أن اللغة هي مفتاح الثقافة والوسيلة المثلى للتعريف بالقيم والعادات واستقطاب العقول وتجلية الصورة المشوهة التي لا يزال يئن منها العرب.. ففرنسا تعرض على الدول تدريس الفرنسية بدعم فرنسي كامل, بينما يطلب من أكثر من 10 سفارات عربية في إحدى دول أوربا توفير مدرس واحد للعربية, فلم تقدم واحدة منهم شيئاً.
تنسيق البرامح التدريبية
آلية البرنامج تعتمد تدريب معلمي اللغة العربية لغير الناطقين بالعربية وليس الطلاب بشكل مباشر, ويقوم بمراسلة الحكومات والوزارات في الدول المختلفة, كما أن عدداً من السفراء خصوصاً في السعودية باتوا يتواصون بالبرنامج ويقومون بالدعاية له في أوطانهم.
رئيس البرنامج يصرح وبكل ثقة أن برنامج (العربية للجميع) هو الأفضل عالمياً, وذلك عائد إلى النتائج الناجحة التي ظهرت جلية, ولا تزال.. مشيراً إلى بعض الأرقام, فالبرنامج درس ما يزيد على 150000 ساعة تدريبية للمعلمين داخل المملكة وخارجها, ويقيم ما بين 10 إلى 15 دورة تدريبية سنوياً, كما أن عدد المعلمين المستفيدين من البرنامج يزيد على 4000 معلم من ثلاثين دولة.
ويؤكد الدكتور آل الشيخ أن الطريقة التي يقومون باتباعها هي نقلة كبيرة في تعليم العربية حيث تتبع أكثر المدارس اللغوية جودة وكفاءة, فالبرنامج يعتمد على تعليم اللغة كلغة محادثة, قبل أن تكون لغة مكتوبة أو مقروءة, خلافاً لما هي عليه المدارس اللغوية العربية الحالية التي تنهج نهجاً أنتج مدرسين للغة لا يجيدون كثيراً من الأسس, وهم في البرنامج باتوا يصححون كثيراً من الأخطاء التي يرتكبها هؤلاء المعلمون في البلاد الأعجمية.
البرنامج في العالم
(العربية للجميع) البرنامج الأكثر تسويقاً, ونجاحاً في العالم, بل أصبح (ماركة) عالمية لمن أراد تعلُّم العربية وتعليمها, بهذه الجملة يظهر الدكتور محمد آل الشيخ فخره بالنجاح الذي حققه البرنامج الذي يرأس إدارته.. فتركيا والصين وقارة أفريقيا, بقاع شهدت تحولاً كبيراً في الحاجة إلى العربية, ومن ذلك أن تركيا اعتمدت بشكل رسمي مناهج (العربية للجميع) في جميع كليات الإلهيات, وباتت المرجع الأول هناك, وتم طلب معلمي اللغة العربية السعوديين بشكل خاص ليقدموا العربية في الجامعات التركية, وأُقيم عدد من الدورات, وهناك عمل جاد لافتتاح مركز متخصص لنشر العربية في تركيا, وعليه يتم الإعداد والعمل منذ سنين.وفي الصين, (العربية للجميع) وضعت بصمة كبيرة, حيث أقامت دورات تدريبية للمتخصصين يعود نفعها للمتعلمين في جميع أرجاء الصين, حتى أنشأ المكتب كرسي (العربية للجميع) في جامعة سيئان, ويُعد الآن نبعاً عربياً في قلب الصين, ويستفيد منه أكثر من 32 جامعة صينية تضم ما يزيد على 105000 طالب, منوهاً إلى أن الطلب على توظيف متخصصي اللغة العربية في الصين يُعد من أعلى النسب في الصين, والبطالة في صفوفهم قليلة.
كما أن أفريقيا وجنوب شرق آسيا هي أماكن تحظى باهتمام واسع وذلك لحاجة المسلمين إلى تعلُّم العربية هناك, وأقيمت دورات كثيرة لوصل هذا العمل الخيري العظيم بمحتاجيه, وقد اعتمدت رابطة المدارس الإسلامية بجنوب أفريقيا مناهج (العربية للجميع) لتدرس في جميع مدارسها, كما بيع العديد من نسخ المناهج في أوربا وأفريقيا وروسيا وأستراليا, خصوصاً بعد اعتمادها بشكل رسمي هناك, وفي روسيا أقام البرنامج دورات تدريبية, وتعاوناً مع المراكز المتخصصة في تعليم اللغة, كما هو الحال في ماليزيا والتي خطا فيها البرنامج خطوات مباركة وقوية, والخطة الآن في إنشاء كراسي لبرنامج: (العربية للجميع) في تركيا وماليزيا, وعدد من الدول الأخرى.
وأشار رئيس البرنامج إلى مجمل ما تم توزيعه من نسخ مناهج العربية للجميع يزيد على 300000 نسخة, في 1000 جامعة ومعهد حول العالم, مبدياً أسفه في حدوث عدد من الانتهاكات الفكرية لحقوق الطبع والنسخ في عدة دول كباكستان وإندونيسيا وسوريا.
وحول التوجه إلى إنشاء معاهد لتعليم اللغة خارج وداخل المملكة, يجيب رئيس البرنامج أنهم يفكرون في التوسع لتفعيل مثل هذه الأفكار الهادفة, وتلقوا عدداً من الطلبات في مختلف مناطق المملكة للإشراف التعليمي والاعتماد الأكاديمي, كما أنهم قاموا بافتتاح أول مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها تابع لبرنامج: (العربية للجميع) بالتعاون مع جامعة الأندلس بمدينة صنعاء بجمهورية اليمن, وبدأ البرنامج بتخريج مجموعة من المعلمين ذوي الكفاءات العلمية حيث يتم إرسالهم لنشر هذه اللغة في الخارج ولمتابعة البرامج الدولية التي يقوم البرنامج بالإشراف عليها ورعايتها.
الرعاة والداعمون
وبالسؤال عن الدعم الذي يتلقاه البرنامج, يقول الدكتور محمد آل الشيخ إن مؤسسة الوقف الإسلامي هي الراعي للبرنامج, ولكن مثل هذا البرنامج لا يكفي أن تكون الرعاية فيه محصورة على مؤسسة أو مؤسستين, إنما هو عمل جبار, والمستفيدون منه كثر, ويستحق أن تكون الرعاية به أكبر من ذلك بكثير, وأنهم هنا يقومون بالجهد الذي يطيقونه, ولا يتمكنون من الاستجابة لكل الطلبات نظراً لمحدوديتهم البشرية والمادية, وأنهم حين يحتاجون دعماً مادياً فهذا ليس باليسير توفيره لأن مشكلة ثقافية تحيط بمعنى الإنفاق الخيري والتبرعات الإنسانية, فالميسورون وأصحاب الدعم حين يُلجأ إليهم يكونون مستعدين لدعم المشاريع التقليدية كبناء مسجد أو كفالة يتيم أو رعاية حلقة تحفيظ القرآن الكريم, بينما دعم برنامج علمي متين يقوم على نشر العربية التي هي مفتاح العلم الديني وباب عظيم من أبواب فهم القرآن فلا تزال الفكرة غير واضحة بالنسبة إليهم، ويتمنى رئيس البرنامج أن تتطور الرؤية لدى أهل الخير ليتسع عطاؤهم ويسهموا في تحقيق هذا الهدف العظيم الذي يربط المسلمين بدينهم وبكتاب ربهم ربطاً وثيقاً.