الرياض - خاص بـ(الجزيرة):
طالب فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدعاة على المنافذ وفي المشاعر المقدسة بتعريف حجاج بيت الله الحرام بالأخطاء التي يقع فيها البعض في أداء المناسك، وقال: إن هذا يكون ضمن إطار التوعية العامة للحجيج، لأن هناك من المخالفات التي تقع من بعض الحجاج التي قد تؤثر على صحة أدائهم للمناسك.
وشرح الدكتور علي الشبل في حوار له مع (الجزيرة) الأخطاء التي يقع فيها الحجيج في كل منسك والمناسك بدءاً من الاستعداد للسفر حتى الانتهاء من أداء الحج وفيما يلي نص الحوار:
* نريد إلقاء الضوء على الأخطاء التي يقع فيها المسافرون للحج أو العمرة وكيفية تجنبها؟
- هناك بعض الأخطاء التي يقع فيها الحجاج المسافرون للحج منها: أن يكون مراده وقصده في أداء عبادة الحج أو العمرة، أو غيرهما الذكر والمدح من الناس أو الرياء والسمعة، ويتطلع لذلك وأن يمدح به، وهذا خطر عظيم يقدح في التوحيد وأصل الإيمان بالله، مع الهم العظيم بمراقبة الناس (ومن رآى رآى الله به، ومن سمَّع سمَّع الله به)، مع أهمية اختيار رفقة أو صحبة غير صالحة، ولا تتناسب وهذه العبادة الجليلة، من أهل الفسق والفجور، والتخلف عن الصلوات، أو أصحاب اللهو واللعب وكثرة المزاح وقسوة القلوب، فإن هؤلاء وأمثالهم ممن يصرفون عن العبادة، ويشغلون الأوقات الفاضلة في الزمن الحرام، والمكان الحرام، بما يضر أو بما لا ينفع، وكذلك بذل المال الحرام من الكسب الخبيث شرعاً لأداء النسك، والله عز وجل طيب لا يقبل إلا طيباً، فيجب انتقاء أطيب مكاسب العبد لهذه العبادة، بل ولجميع شأنه الدنيوي والتعبدي، إضافة إلى تأخير الحج والعمرة حتى يهرم الإنسان أو تدركه الشيوخة وسن العجز، كما نلحظ من طوائف من الحجيج والواجب المبادرة لقضاء فرض الحج والعمرة بمجرد الاستطاعة المالية والبدنية، ومن الأخطاء سفر المرأة لوحدها أو مع نساء مثلها، بلا محرم شرعي وهو: من يحرم عليها النكاح منه على التأبيد، وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، ووجود المحرم للمرأة شرط في الحج من جهة استطاعتها عليه، وكذا في العمرة.
* وما هي الأخطاء التي يقع فيها الحجيج في ركن الإحرام تحديداً؟
- من الأخطاء الواقعة في ركن الإحرام بالنسك: تأخير الإحرام عن ميقاته الزماني والمكاني، فكما لا يصح الحج في غير زمانه المحدد له شرعاً، فلا يصح الحج في محرم أو رجب أو رمضان، كذلك لا يصح الإحرام بالحج والعمرة من غير المواقيت المكانية التي وقّتها النبي صلى الله عليه وسلم وهي خمسة: ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وذات عرق، ووادي محرم، لمن أتى عليهن أو حاذاهن بطائرة أو سفينة أو سيارة، وكذلك تطييب ملابس الإحرام بالعطر والطيب، ومس الطيب من محظورات الإحرام، والواجب غسلها منها، إضافة إلى تحديد بعض الناس لباساً محدداً للنساء تحرم به ذا لون محدد كالأبيض أو الأخضر أو الأسود، وذا هيئة محددة، وليس للباس المرأة في إحرامها لون أو هيئة محددة، سوى البعد التام عن مظهر الزينة والسفور.
ومن الأخطاء الاشتغال أثناء الإحرام بالفحش والزور والقول والفعل، وترك التلبية والذكر والدعاء والتهليل والتحميد والتسبيح وقراءة القرآن.
* في الطواف يقع البعض في إشكالات سواء في طريقة الطواف أو في المزاحمة، نريد بيان هذه الإشكالات؟
- من أهم الأغلاط في شعيرة الطواف بالبيت الحرام: رفع بعض الحجاج يديه تحية للبيت وللكعبة عند رؤيتها، مع أن المشروع الدعاء بالدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول الحرم بتقديم الرجل اليمنى، وقول: بسم الله اللهم صلّ على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وأدخلني أبواب رحمتك، وكذلك مزاحمة الحجيج ومدافعتهم وأذيتهم أثناء الطواف، ولاسيما عند استلام الحجر الأسود والركن اليماني، وكذا رفع الصوت بالدعاء والذكر من الرجال والنساء، مع تضييق بعض الحجاج على نفسه وعدم مراعاته إخوانه بالصلاة أمامهم، بزحمة المطاف ولاسيما خلف المقام، مع عدم المبالاة بالزحام وكبار السن.. الخ، وقيام بعض الحجاج بالتمسح والتبرك بجدار الكعبة أو لباسها والمقام أو أبواب الحرم وجدرانه، وهذا ربما قدح في توحيد الحاج وإيمانه بالله، وأخرجه عن مقصود حجه، ومن الأخطاء دخول بعض الطائفين داخل حجر إسماعيل (الحطيم) مما يفسد ذلك الشوط المترتب عليه فساد الطواف، ثم من الأخطاء صلاة الطائف للركعتين في مواطن الزحام الشديدة أو وهو عاري المنكبين من إحرامه، وربما صلاهما وليس عليه سوى الإزار، وبعضهم ربما طاف بالبيت وعليه جنابة أو حيض ونفاس، وطواف هؤلاء غير صحيح!
* وماذا عن الأخطاء في السعي بين الصفا والمروة؟
- من الأخطاء التي يقع فيها بعض المحرمين في السعي: اعتقاد أن لكل شوط سواء من الطواف بالبيت أو السعي بين الصفا والمروة دعاءً مستقلاً، كما يظهر في كتب الأدعية، والمشروع أن يدعو كل بما يحتاجه ويناسبه، ويتأسى بالنبي عليه السلام بجوامع الدعاء.
ومن الأخطاء في الطواف والسعي، الذكر والدعاء جماعياً وبصوت مرتفع، ربما أزعج الحجيج من العمّار، كما أن بعض الحجاج لجهلهم يبدؤون بالمروة قبل الصفا، وهذا مخالفة صريحة لعبادة السعي، وإبطال له، وبعضهم ربما لم يتم السعي بين الصفا والمروة فيرجع في أثناء الشوط ولا يتم الشوط إلا باستيعاب ما بين الصفا والمروة، مع اعتقاد بعض الناس عدم قطع الطواف أو السعي عند إقامة الصلاة، والواجب أداء الصلاة مع الجماعة، ثم إكمال الطواف والسعي بعدها.
ومن الأخطاء تمسح بعض الحجيج بجدران المسعى وأبواب الحرم أو تقبيل الأعمدة أو جبل الصفا والمروة، وهذه خرافات وضلالات ما أنزل الله بها من سلطان، وكذلك دوران من يسعى في الأدوار العليا حول القبب عند الصفا والمروة مع اعتقاد عدم صحة السعي بلا هذا الطواف، وهذا خطأ شنيع بدأ يفشو بين الحجاج، مع اشتغال الحاج بالكلام مع الرفقة أو بالنظر والمشاهدة خلال أشواط السعي بدل الذكر والدعاء وقراءة القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه (إنما جُعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار، لإقامة ذكر الله عز وجل).
* الوقوف بعرفة وصعود بعض الحجاج إلى الجبل للوقوف أعلاه للدعاء وما إلى ذلك من أخطاء، ما الموقف الشرعي في ذلك؟
- من أهم الأغلاط الواقعة في الوقوف بعرفة، والحج عرفة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، إتعاب الحاج نفسه ومن معه بالذهاب إلى الجبل للوقوف عنده، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وقفت هاهنا وعرفه كلها موقف) مع ما يحصل هناك من المزاحمة والمدافعة والتسبب بالهلكة وسوء الخلق والفحش في القول والفعل ومن الأخطاء أيضاً تسمية الجبل بجبل الرحمة، وهذا ليس عليه دليل، وكذلك الوقوف خارج عرفة إما في الوادي وادي عرنة، أو جنوب عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة) علماً بأن مسجد نمرة جزء كبير من مقدمه وقبلته في عرفة، خارج عن عرفة، ومن الأغلاط الاشتغال في يوم عرفة بالأكل والشرب والتمشي على المخيمات دون الذكر والدعاء والاستغفار، ومن ذلك أيضاً تقطيع ذلك اليوم العظيم بالنوم أو الضحك والمزاح الكثيرين، إضافة إلى الدفع من عرفة قبل غروب الشمس، والعجلة والإسراع ركضاً وبالسيارة واستخدام الأبواق والمسابقة وأذية الحجاج بالقول والفعل.. والنبي صلى الله عليه وسلم لما دفع من عرفة بعد استحكام غروب الشمس أشار للناس بيده وقال: (السكينة السكينة: فليس البر بالإيضاع)، وكذلك ذهاب بعض الحجاج يوم عرفة لمكة اعتقاداً بفضل ذلك، وبعضهم يقف بعرفة في الصباح ثم يغادرها لمزدلفة ثم منى لرمي الجمرة فينتهي من ذلك كله قبل عصر يوم عرفة، وهذا خطأ شنيع يفسد الحج لأنه لم يقف بعرفة الوقوف الصحيح، والذي يبدأ من زوال اليوم التاسع يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم العيد، كما دل عليه حديث عروة بن المضرس رضي الله عنه.
* وماذا عن أخطاء الحجيج في مشعر المزدلفة؟
- من الأخطاء التي تقع في مشعر الوقوف بمزدلفة: أن من الحجاج إذا وصل إلى مزدلفة يبدأ بجمع الحصى والمشروع الذي عليه هديه صلى الله عليه وسلم البدء بالأذان ثم إقامة صلاة المغرب ثم العشاء حتى قبل الاستعداد للنزول وحصى الجمار لا يشترط جمعها من المزدلفة، وإنما من أي مكان في الطريق أو منى وعليه فإن من الأخطاء تأخير أداء صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة، حتى إن بعضهم ربما لم يصلهما إلا بعد مضي أكثر الليل، وكذلك قضاء بعض الحجاج حوائجهم أمام الناس في مزدلفة دون مراعاة لستر العورة والأدب العام، مع اعتقاد بعضهم أن الوقوف بالمزدلفة وذكر الله لا بد أن يكون في مسجد المشعر الحرام فقط، والصحيح أن عرفة ومزدلفة كلهما موقف، كما قال صلى الله عليه وسلم: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف).
ومن أهم الأخطاء في هذا الموضع عدم وقوف بعضهم البتة بالمزدلفة، وهؤلاء تركوا شعيرة من شعائر الحج، ومنهم من يقف خارج المزدلفة ولا يتحر حدود المزدلفة وأعلامها، والواجب أن يتقي الله العبد ما استطاع.
* يوم الحج الأكبر يقع بعض الحجيج في أخطاء في ترتيب أداء المناسك في هذا اليوم، فماذا عنها؟
- أهم الأخطاء التي تقع من الحجاج يوم العيد، وهو يوم الحج الأكبر، لاشتماله على أكثر أعمال الحج، فمنها: اعتقاد أنه لا بد من ترتيب الأعمال يوم العيد: رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف، وهذا الترتيب إن تيسر فهو سنة مستحبة وإلا فليس بلازم ولاسيما مع حصول الزحام والضيق فيه، فلو طاف ثم حلق أو حلق ثم رمى فلا بأس فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل يوم العيد عن شيء قُدم ولا أُخر إلا قال افعل ولا حرج، رفعاً للحرج ودفعاً للمشقة عن أمته، وهذا يتأكد مع وجود أسباب الزحام والتدافع والمشقة، ومزاحمة كبار السن والنساء في رمي جمار العقبة في أول النهار يوم العيد، ولو تقدم هؤلاء بالرمي بعد مضي نصف الليل في المزدلفة، أو بعد زوال الشمس يوم العيد، لحصل انفراج كبير على الحجاج، وأداء للنسك بسهولة ويسر، وكذلك ذبح هدي الحج تمتعاً أو قراناً خارج حدود حرم مكة، وكذا ذبح بعضهم فدية الجبران لترك واجب أو فعل محظور من محظورات الإحرام خارج حدود مكة والذبح والنحر لا بد أن يكون داخل حدود الحرم لقوله تعالى: (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) وفي الحديث (فجاج مكة كلها طريق ومنحر)، ومن الأخطاء في هذا تقديم الذبح قبل طلوع الشمس يوم العيد أو تأخيره مع غروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة، فهذان حددا وقت الذبح الزماني، وما سبق حدّه المكاني، إضافة إلى ذبح الإبل أو البقر أو الغنم، هذه هي بهيمة الأنعام فقط وهي لم تستوفِ السن المحدد شرعاً أو بوجود العيوب غير المجزئة لها بأداء النسك، وأهم الأغلاط يوم العيد شدة التزاحم على الرمي، وطواف الإفاضة، الحل هو في تحري أوقات قلة التزاحم على هذين المشعرين ليلاً لشعيرة الرمي ونهاراً لطواف الإفاضة.
* وماذا عن الأغلاط في رمي الجمرات؟
- أهم الأغلاط التي يقع فيها الحجاج عند رمي الجمار، هي: تكسير الحصى من الجبال، أو غسلها، أو اختيار الحصى الكبيرة التي تؤذي بحملها أو بالرمي بها، والمشروع في حجم الحصاة أن تكون بقدر حبة الحمص أو البندق، واعتقاد أن المرمى في الجمار الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى -العقبة- هو الشيطان، ولذا نرى ونسمع من حماقات الرماة الشيء المزري والضحك والمقصود بالرمي هو طاعة الله واتباع رسله، وإقامة ذكره بالتسمية والتكبير والدعاء في هذه المواقف والمشاعر.
ومن الأخطاء الشائعة إخلال ترتيب الجمار، فيرمي الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى وهذا لا يصح بل لا بد من البدء الصغرى ثم التثنية بالوسطى ثم الختم بالكبرى، مع مراعاة وقف بدء الرمي للجمار الثلاث بعد زوال أيام التشريق، وامتداد الرمي إلى طلوع فجر اليوم الثاني، وملاحظة جواز جمع رمي يومين في يوم لأهل الأعذار ممن يقومون على خدمة الحجيج وشؤونهم.
ومن الأخطاء الشائعة ولاسيما عند المترفين.. التوكيل في رمي الجمار من غير حاجة متحققة، وخفى على هؤلاء أن أداء عبادة الرمي من شعائر الله، والله -سبحانه- يقول في آية سورة الحج: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)، ومن الملاحظ المهمة في هذا المقام ضعف استشعار القربة والعبادة لله عند رمي الجمار مما يحصل معه التدافع والتزاحم وعدم رحمة الكبير والصغير والضعيفة من النساء والرجال ولو التمس الحاج القربة والعبادة ورحمة إخوانه لزال كثير من الشر والضرر على الناس في هذه المواقف الشريفة، وفي المكان الحرام، والزمان الحرام.
ومن الأخطاء ها هنا رمي الشاخص، والمقصود وقوع الحصاة في المرمى، كذلك زيادة بعضهم على سبع حصيات من باب قصد الزيادة وهي من البدع، أو تحريم الرمي من فوق.
* المبيت في منى جزء من الليل أو الليل كاملاً، ما هي الأخطاء التي تقع من الحجيج في هذا؟
- من الأخطاء الواقعة من الحجاج في مشعر المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، وهو واجب من واجبات الحج، حيث تهاون بعض الحجاج بواجب المبيت بمنى ليالي التشريق، فإن مجرد المبيت عبادة وشعيرة، بل ومنهم من يسافر يوم العيد ولا يبيت بقية الليالي ويوكل في الرمي، وترك المبيت مع القدرة عليه إثم ويوجب الكفارة بالدم، كبقية ترك الواجبات، واشتغال بعض الحجاج، أيام وليالي التشريق بمنى بالحرام قولاً وفعلاً وحالاً من كذب وسخرية وهزو وافتراء ولعب بالورق ونظر إلى حرام وأذية عباد الله، مع أن الواجب في شعيرة منى ذكر الله وتوحيده ودعاؤه وتعظيمه والانطراح بين يديه سبحانه بالتوبة، لعله أن يرجع من حجه مغفوراً كيوم ولدته أمه، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن من الحجاج من يذهب للطواف نافلة في ليالي أيام التشريق أو للتسوق أو للنزهة والتمشي خارج منى، فيفوته المبيت مع قدرته عليه، وهذا يوجب ترك الواجب من غير مبرر شرعي معتبر ومنهم من يمضى الليل باللهو وتعبير الأحلام واللعب بالحرام وتقطيع الأوقات,
ومن الأخطاء عند البعض اعتقاد
بقائهم على لباس الإحرام حتى بعد فعل اثنين من ثلاثة: الرمي لجمرة العقبة، أو الحلق، أو الطواف. ومن ظن ذلك وقع في البدعة بالزيادة على الشريعة والاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك أيضاً تحريم بعضهم الرمي للجمار الثلاث، أيام التشريق بالليل والتشديد في ذلك على المسلمين، من غير دليل صحيح صريح، ودلالة النصوص تقتضي الجواز.
ومن الأخطاء الشهيرة لطول هذه الشعيرة، وجود الخلافات والمشاحنات والقيل والقال، والفرقة وسوء الخلق مع الحجيج مما يسبب الفسوق أو الرفث، وفي الآية: (فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ) وصح عن النبي عليه السلام قوله:
(من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
* هناك أغلاط وأخطاء تقع في طواف الإفاضة أو الوداع نريد بيانها؟
- نعم ثمة أخطاء تقع عند الطواف، سواء كان طواف الإفاضة وهو ركن الحج، أو طواف الوداع، وهو واجب من واجبات الحج، كالطواف على حدث أكبر من جنابة أو حيض أو نفاس، ولا يصح الطواف في هذه الحال، إلا في حالة وحيدة معتبرة عند أهل العلم في الضرورة، وتعمد المزاحمة وأذية الطائفين بدفعهم أو الصلاة في طريقهم، والواجب رحمة الصغير والكبير والضعيف، والبعد عن كل ما يسبب إزعاجهم من قول أو فعل.
ومن الأخطاء اعتقاد البعض حرمة الطواف للإفاضة ليلاً، وهذا قول باطل واعتقاد فاسد، فالطواف مشروع ليلاً ونهاراً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تمنعوا أحداً طاف بالبيت من ليل أو نهار أن يصلي)، إضافة إلى تهاون بعض الحجاج بالوقوع على أهله - زوجته- قبل الفراغ من طواف الحج، وهو طواف الإفاضة، فإن فعل وكان قد تحلل التحلل الأول بالرمي والحلق فعليه دم، فإن لم يكن قد تحلل فعليه سؤال العلماء ليقفوا على عنده وحاله ثم الحكم له بمقتضى ذلك، إضافة إلى سفر بعض الحجاج بلا وداع للبيت والوداع آخر أعمال الحج فلا يصح وداع بعده رمي جمار أو مبيت بمنى أو لبيت بمكة وسكن بها مدة خارجة عن المعتاد، وإلا فعليه إعادة الطواف، وهذا الطواف للوداع مخفف عن الحائض والنفساء، وتعمد ترك الطواف للوداع والفدي عنه بدم، لا يخرج عن طائلة الإثم فتلزم التوبة.
ومن الأغلاط الوخيمة الاستهانة بتعظيم شعائر الله وحرم الله، بالإفتاء بغير علم ومن غير أهل العلم الموثوقين والمعتبرين بدعوى التيسير أو التشديد، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه، ومن الأخطاء الشائعة التهاون بفرائض الله، كترك الصلوات أو النوم عنها، أو التخلف عن الجماعات، والتعرض لسخط الله بالوقوع فيما حرمه، دون مراعاة لحرمة الزمان والمكان.
* زيارة مسجد رسول الله وأهميتها لكل مسلم ولكن تقع بعض الأغلاط ما هي؟
- من الأخطاء التي يقع فيها زائرو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بمدينته: اعتقاد كثير من الحجاج وجوب زيارة المدينة بعد الحج أو قبله، وهذا الاعتقاد باطل، لأن زيارة المدينة والصلاة بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء من السنن أي المستحبات، وليس واجباً، ولا علاقة له بالحج، وعقد البعض نياتهم على زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من سفرهم من بلادهم، وهذا مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، كما أن بعضهم يورد حديثاً (من حج فلم يزرني فقد جفاني) وهو حديث موضوع مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، لا أصل له، ومن الأخطاء الواقعة كثيراً فيمن زار المسجد النبوي التمسح بالقبر النبوي وبأبواب المسجد وجدرانه، أو الطواف بالقبر أو استقباله من نواحي المسجد عند السلام أو الدعاء، وهذه كلها من البدع والخرافات التي تقدح في أصل التوحيد أو كمال الواجب، وكذا ما يحصل مثله في مقبرتي البقيع وشهداء أحد.
ومن الأخطاء الشائعة اعتقاد زيارة الأماكن التاريخية في المدينة كجبل أحد، ومسجد القبلتين، والمساجد السبعة.. الخ، والذي تستحب زيارته لمن كان في المدينة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء، ومقبرة البقيع، وشهداء أحد بالدعاء لهم والسلام عليهم والاعتبار بهم فقط، دون قراءة الفاتحة عليهم أو سؤالهم أو طلب الحوائج والمدد والغوث منهم، فذلك من الشرك بهم مع الله في العبادة، وكذلك رفع الصوت واللغط والمزاحمة والمدافعة عند زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لمن كان في المدينة، والواجب الأدب التام والاحترام للمسلمين، والوقار في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً لله، وتوقيراً لرسول الله، ومن المظاهر الفاشية استقبال الزائر للمسجد النبوي لقبره صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على اليسرى كحاله في الصلاة حال السلام أو الدعاء، ولاسيما عقب الصلوات الخمس وهذا من البدع النكراء المفضية للغلو بالنبي عليه السلام ورفعه عن منزلته اللائقة.