هل على العرب البحث عن وسيط لإصلاح ذات البين بين الإخوة في مصر والجزائر، فبعد المباراتين الكرويتين اللتين أقيمتا في القاهرة والخرطوم تردَّت العلاقات بين الجماهير الرياضية التي تخلت تماماً عن الروح الرياضية، وأصبحت لغة التهديد والوعيد هي اللغة السائدة بين الجمهور الرياضي في الشارعين الجزائري والمصري، وسالت دماء الشباب في كلا الشارعين بعد أن تعرضوا لهجوم المتعصبين والذي فاق حده؛ مما دعا البلدين إلى استدعاء سفير كل بلد في عاصمته وإبلاغه احتجاج حكومة البلد الذي يمثل بلاده فيها.
هذا الوضع أوصل العلاقات بين بلدين مهمين إلى مستوى متدنٍّ يهدد بالانحدار أكثر خاصة بعد تداعيات مباراة الأربعاء في الخرطوم، والتي شهدت خروجاً متعدداً؛ للروح الرياضية وللأخلاق العربية، حيث اعتدي على الجماهير الرياضية وأصيب الكثير منهم، وحوصر البعض منهم، وهو ما جعل مصر تطالب بإرسال قوات خاصة لتأمين عودة جماهيرها الرياضية.
هذا المستوى المتدني من العلاقات بين العرب والذي كشفته مباراة كرة قدم، يظهر كم هي هشة هذه العلاقات، وكم هي تافهة!! فما كان يقال من خطب وأقوال عن أواصر الدم واللغة وعن أبناء الأمة الواحدة كشفته مباراة كرة قدم لا يمكن أن يفوز فيها إلا واحد، وأنه لا بد أن يكون هناك خاسر، كما أنه لا يجوز أن يتحقق الفوز بالإرهاب والاعتداء على الجماهير، وتحطيم أواصر الأخوة وهدم العلاقات بين أبناء الأمة الواحدة التي ستكون حتماً بحاجة إلى كلمة وسيط يعيد العلاقات الطيبة السابقة بين مصر والجزائر، وأن يضمد جراح الأقدام التي لم تكتف بركل الكرة، بل ركلت معها القيم والأخلاق.