(أحمد) زميل عزيز يدرس اللغة العربية في إحدى الثانويات. إذا أقبل عليك تلمس في محياه الهمة والنشاط والحرص على مصلحة الطلاب، فكم كان يتألم قلبه عندما يرى - من طلابه - نبواً في خلق؟ وكم تتردد الحسرات في صدره عندما يسمع كلمة نابية أو يبصر سوءاً في أدب؟
ولأن الطلاب - وللأسف - تتكرر من بعضهم هذه الزلات لربما ألجأت الزميل: أحمد أحياناً إلى استخدام لهجة شديدة أو جارحة لمشاعر الطلاب أثناء نصحه لهم، إلا أنك إذا فتشت في ثناياها وجدت نفساً رحيمة مشفقة.
الصديق أحمد دخل عليه ذات يومٍ طالبٌ يرتدي ثوباً طويلاً يجر أذياله من خلفه وكأنه فستان نسائي؟! فشاط غضباً وقال له منكراً: أتلبس ثوب أبيك؟! فجاء الجواب كالصاعقة: نعم.. هذا ثوب والدي!!
لقد كانت هذه الكلمة مثل الصفعة على أستاذنا الكريم فهو لم ينتبه إلى أن الطالب وعائلته كانوا فقراء فلم يجد الطالب بداًّ من أن يلبس ثوب أبيه ذلك اليوم إذ لم يكن عنده ثوب؟!
وهذه القصة تعطينا درساً في التريث وعدم العجلة في الحكم على الأشخاص والمواقف.
إننا نخطئ كثيراً في تصوراتنا وأحكامنا وعقوباتنا إذا لم نركّز على دوافع السلوك الخاطئ فقد يصيح الأب غاضباً في وجه ابنه عندما يتأخر إلى هزيع من الليل خارج المنزل قبل أن يسأله لماذا تأخرت؟ فقد يكون ذلك لأنه أبصر محتاجاً فقضى حاجته!، وقد يظن الزوج أن زوجته لا تهتم بترتيب البيت ولم يدر أن البلاء من الأبناء، وقد يتسرع المعلم فيظن أن خالداً الذي لم يحل الواجب مهملٌ والواقع أن كان يتلقى التعازي في وفاة والدته!
أيها المصلحون.. لا تجعلوا قبح تصرف أبنائكم أو موظفيكم أو زوجاتكم أو تلاميذكم مانعاً لكم أن تسألوهم عن سبب ذلك الفعل قبل أن تلوموهم أو تعنفوهم ولكم في رسول الله أسوة حسنة حينما قال لحاطب بن أبي بلتعة في قضية حساسة: (ما حملك على ما صنعت؟)
محمد عبد الله العبد الهادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
aboanus@hotmail.com