جاءت كارثة جدة صباح الأربعاء لثمانِ خلون من شهر ذي الحجة لعام ثلاثين وأربعمائة وألف للهجرة النبوية الشريفة لتؤكد للوطن والمواطن والمقيم على حد سواء أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- ملك أقام ملكه على العدل وشيد حكمه على التقوى -وكل ينشأ على ما كان عوَّده أبوه- فبايعناه وأعطيناه ثمرة أفئدتنا ذات بيعة مباركة لم نكن لنندم عليها يوماً وهذا ما ندين الله به فهذا الملك الذي لا يهدأ له بال ولا يغمض له جفن إذا ما أحس بوجود مواطن أو مقيم قد قض مضجعه أمر جلل أو كدَّر صفو نومه حدث عظيم هو من بايعناه على السمع والطاعة فعاهدنا هو بدوره على العدل وعدم التمييز فصدق بعهده وأوفينا بعهودنا لنلقم كل الكلاب النابحة التي تحاول الإساءة للمملكة وقيادتها حجراً ولعل ما حدث في كارثة جدة دليل على أن خادم الحرمين الشريفين ورغم انشغاله بحجاج بيت الله الحرام وسلامتهم ومتابعته لجنودنا البواسل في جنوب المملكة كان يشعر بمأساة أبنائه في جدة فكان يتابع هنا وهناك فيعتصره الألم على أبنائه الذين قضوا في الكارثة فما بين أرواح قد فاضت إلى ربها راضية مرضية ومنازل قد هدمت على رؤوس ساكنيها وسيارات قد انقلبت على من فيها ومياه قد أحكمت قبضتها على كل من وقع تحت منسوبها جاءت توجيهاته التي لم تكن مستغربة ولن تكون غريبة عليه إذ وجه -حفظه الله- بمعالجة الحدث بكل روية وحكمة عن طريق تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق واستدعاء كل من له علاقة في الحادث من بعيد أو من قريب وكائنا من كان وبلا استثناء وإعلان النتائج ونشرها طالما أن لدينا الشجاعة الكافية للإفصاح بكل حزم ودون تحفظ فكل من أخطأ في حق الناس يجب أن يحاسب وكل من لم يرع الأمانة التي أسندت إليه يجب أن يعاقب ذلك أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -يحفظه الله- حمل الأمانة على عظمها وهو يدرك أن الله سائله عمن ولاه عليهم ومن هم تحت ولايته من أبناء الشعب والمقيمين على ترابه فجاءت أوامره الملكية الكريمة السامية بدفع مليون ريال لذوي كل غريق كرمه الله بقول رسوله صلى الله عليه وسلم (والغريق شهيد) كنوع من المواساة والتخفيف على عائلة الغريق المتوفى كما وجه سابقاً -يحفظه الله- بتعويض كل متضرر من جراء الكارثة التي لم تكن غير طبيعية أبداً بل كانت طبيعية جداً وأقل من طبيعية وتحدث بشكل شبه يومي في دول أقل من المملكة من حيث الإمكانيات والوسائل ومع ذلك لم يحدث لها كما حدث في جدة مما يدل على أن هناك خللاً ونقصأً يجب أن نقف عنده وأن نقوم بمعالجته حتى لا يستفحل الأمر ويعم البلاء على أننا مطالبين ككتاب وصحفيين ومراسلي صحف وإذاعة بعدم اتخاذ ذلك وسيلة لتصفية حسابات شخصية خاصة مع من كانوا في موقع المسؤولية ذات يوم في محافظة جدة ذلك أن الإرجاف ونشر الشائعات يضر أكثر مما ينفع وهذا ما لا نريده في الوقت الراهن على الأقل فكل مقصر سينال جزاءه في الدنيا على أن هذا يجب ألا يجعله يغفل عن قوله تعالى {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} وأعتقد أن في هذه الأوامر رسالة واضحة وصريحة من لدن خادم الحرمين الشريفين لكل وزير ومسؤول عن مصالح المواطنين بأن هناك مساءلة ومحاسبة إذا ما تعلق الأمر بمصلحة البلاد ومصالح العباد فليس هناك من لديه حصانة عند تقصيره وهذا هو العدل الذي ننشده وهي العدالة التي ستكون سبباً في إصلاح العالم فيما لو حذا قادة العالم أجمع حذو ملك الإنسانية -يحفظه الله-.
إن الوطن بكل مواطنيه ومقيميه وزائريه يدركون تماماً أن ملكاً بحجم عبد الله بن عبد العزيز كفيل بأن يردع كل من تسول له نفسه الإضرار بالوطن والمواطن وأنه قادر على أن يضرب بيد من حديد على كل من أساء استخدام نفوذه في تمرير أهواء شخصية أو استعان بغيره لتنفيذ مآرب ستكلف الوطن كثيراً إذا ما تحققت تلك الأهداف الخبيثة ولذا فنحن جميعاً خلف قيادتنا الحكيمة وبكل ما تتخذه من إجراءات للحد من المتاجرة بالوطن ومنجزاته ومرافقه العامة والخاصة وقبل ذلك كله المواطن الذي هو أساس التنمية فهنيئاً لبلد شرفه الله تعالى ببيته الحرام وبمسجد رسوله صلى الله عليه وسلم ثم شرفه بقيادة حكيمة لا تخاف في الله لومة لائم ولا جنح جانح. والله يتولى الصالحين.
سكاكا الجوف
عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
alaodaib@hotmail.com