الهلال السعودي قصة عشق أبداً لا تنقضي، وقصة ميلاد إطلاقاً لن تنمحي، وأمجاد خالدة باسم الوطن محال أن تنتهي. ذلك باختصار هو الهلال وعنوانه الدائم لدى من أحبه واقترن ذوقه باسمه منذ نشأته وحتى تاريخه الحاضر، فمن كان المجد نبراساً لمسيرته، ومن كانت العلياء طموحاً حاضراً يجلل إنجازاته، فإنّ الريادة نتاج بديهي للزعامة التي يتربع على عرشها الواسع والتي توّجت أخيراً بحصوله على نادي القرن في قارة آسيا.نعود لقصة العشق التي أضحت لعشاق هذا الكيان سيمفونية تطرب الأسماع صباح مساء، ففي ذلك اليوم الذي قرر شيخ الرياضيين الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - متعه الله بموفور الصحة والعافية - أن يؤسس هذا الكيان، آن للأقلام الباحثة عن تسطير الأمجاد أن تخرج من أغمادها وتسنها عنوة لتغرسها في ظهر التاريخ الرياضي الذي تزف من جمالها حبراً بلون السماء يسجل الإنجاز تلو الإنجاز، وكان ذلك مطلع القصة التي كتب حروفها الأولى ابن سعيد في الجسد الهلالي ودوّنها التاريخ الرياضي بمداد ليس له حدود!!
وعند اشتداد القوام، وبعد أن لفت ذلك الكيان كافة الأنظار، وحظي بما لم يحظ به أحد سواه من الأقران، وبعد أن اكتملت مراسيم الفرح باختيار الملك سعود - رحمه الله - لاسم النادي كأن تلك القصة تأبى إلاّ أن تشارك ذلك الملك الحبيب الوفاء، وتبرهن على أن مجرد التفكير من لدن جلالته بتغيير اسم النادي واختيار اسم الهلال كفيل لبني هلال أن يبادلوا تلك اللفتة الكريمة من رجل الدولة السعودية بمزيد من الإصرار لإثبات الوجود، فكان حقاً على رجال هذا الهلال المختلف بكل شيء عن أقرانه أن يسقوا غرس ابن سعيد، ويسعى كل منهم لكتابة سيناريو قصة العشق التي لم تنته. فالمسؤولية في هذا المقام قد أصبحت عظيمة كيف لا وقد حظي الفريق بتلك اللفتة الملكية التي لم ينلها أحد من قبل، فكانت تلك الأحداث بداية مع قصة العشق الهلالي التي لا تنقضي!
فانبرى رجال الهلال للقصة وأخذت تعتني بها الأيدي الواحدة تلو الأخرى، فتلك السواعد جعلت من الهلال هرماً متعدداً يطول بناؤه، ومن الصعب اقتحامه، فبدأت معالم القصة لمتابعيها بالوضوح فهي تحمل بين طياتها قصة بطل اسمه (الهلال) قادم للزعامة الكروية على أرض الوجود!!
ولكن القصة وفصولها المتعددة حتماً لم تكتمل بعد وتخرج كما أراد لها المبدعون العاشقون للكيان، فلا يزال في جعبة أولئك الرجال الكثير من الفنون لينثروها عبقة في أسطر التاريخ الرياضي، وحان على الدنيا مطلع القرن العشرين الميلادي من زمانها وتاريخها، وهنا بدأ البطل يصيغ الألحان المكملة لتلك القصة الجميلة التي سميت (بالهلال) وكانت تلك الألحان التي توشحت في فصولها أحلى الأنغام تصب من فيض روعتها وجمالها كؤوساً مختلفة ودروعاً متعددة ذهباً خالصاً طالما استمتع الهلاليون كثيراً بمذاقها، وهنا بدأ الميلاد، ولم ينته، فما هي إلا سنوات قليلة من عمر ذلك القرن حتى استطاع الهلال أن يكون له السيطرة المطلقة على كافة المنافسات الكروية في أرض الوطن، فحسم هذا الموضوع باكراً من قبل رجال الهلال، فاعتقد الجميع أن القصة بتلك الروعة من الجمال قد انتهت، ولكن هيهات أن تنتهي طالما في الجسد الهلالي رمق يلفظ الأنفاس، فقد كان ميثاق الشرف الهلالي الذي كتب على جدران ذلك النادي وحصنه المنيع (الذهب والهلال طريقان لمسار واحد) وهو البطولات ولا شيء سواها!.
اشتهرت قصة البطل على النطاق المحلي، وسمع بروعتها الجيران وأبناء العمومة في خليجنا العربي، فكان حقاً للقصة أن تصاغ حروفها لتواكب جميع اللهجات حتى يسهل على أهل الخليج التحدث بها والتلذذ بروايتها كما تلذذ بها من قبل أبناء الوطن!فكانت بطولة مجلس التعاون التي أهلت على الوطن ببطل جديد اسمه الهلال الذي أراد أن تكون محطة الانطلاقة لعروض تلك القصة من أرض ميدان (الملز) - فيصل بن فهد حالياً - ففي جو ماطر امتزج العطر بزخاته، وتجمهر الجميع بين جنباته صفاً بانتظار قدوم فارس البطولات ليحكي الفصل المنتظر من هذه القصة لجمهور اعتاد من أبطاله الإبداع، فتحدث العام 1404هـ ونطق خليجياً بالقصة الهلالية والتحدث بلهجتها الخليجية، فكان الفوز الأول الخارجي ببطولة أندية مجلس التعاون الخليجي لكرة القدم لتزف هذه البطولة الهلال ممثلاً دائماً للفرق السعودية في محافل النزال القارية والإقليمية، بعدها لم تغب شمس البطولات كثيراً عن سماء الهلال الواسعة، ولكن يبدو أنّ الأمة العربية التي تهوى العشق، وقصصه قد حنت أيضاً، واشتاقت هي الأخرى لعروض الإبداع وسماع فصل من القصة الهلالية التي لم تكتمل فصولها بعد!!
فحمل رجال الهلال اللواء السعودي، وكان نتيجة ذلك خروج فصل درامي عربي بإخراج هلالي محطته النهائية منصات التتويج، فبكت الأقلام فرحة بعد أن أتاها مداد وافر من حبر الإنجازات الهلالية ليروي ظمأها الذي تسبب به بنو هلال فيما مضى، فكتبت تلك الأقلام، وسجّل ذلك التاريخ أمجاداً هلالية لن تنطوي مع الزمان، فالبطولات العربية أصبحت مرتعاً في أحضان الهلاليين، وبموجب ذلك تم تعميم القصة الهلالية المليئة فصولها وأبوابها المختلفة ووقفاتها المتعددة بالإبداع لتشمل العرب، فأصبح الهلال معزوفة عربية يجيد التغني بها كل عربي كان الفن والإبداع مقصده، وكان نتيجة ذلك تزيين الخزانة الزرقاء بالذهب العربي!!
ولأنّ المسؤولية أضحت عظيمة، والطلبات متزايدة على بني هلال أن تكتسي القارة الصفراء بثوب الإبداع الهلالي الأزرق، ويكون لها نصيب منه بعد أن أرواها ذلك الفارس بمشاهد نهلت منها الأرض السعودية والإقليمية والعربية، فقد كان لسكان القارة العجوز ما أرادو، وفي هذا الفصل من القصة الهلالية أبدع الهلاليون إبداعاً لم يبدعوه من قبل، فسطرت أيديهم وأرجلهم وعقولهم ومعاقلهم بطولات وبطولات تغنى بها الوطن كثيراً بمعزوفة تطل على الأسماع التي لم تتمالك من جمالها إلا التراقص على أنغامها والانقياد التام لقراءة فصولها، فكان نتيجة ذلك الإبداع ست بطولات آسيوية مختلفة المسمّيات موحّدة المواصفات أودعت جميعاً في معقل الذهب الهلالي وبين كنفاته الوثيرة!
وحيث إن القصة قد بترت في فصل من الزمان عن نهايتها لظروف خارجة عن إرادة مؤسسة الإنتاج الهلالية، فقد انتظر الجميع تتويج هذه القصة وإعطاءها مكانتها التي تليق بها، عطفاً على تلك المشاهد والفنون والدراما والبطولات، وإعطاءها حقها المكتسب بصك الزعامة الذي طال انتظاره ولكن!
ولأن الواقع لا يتكلم إلا بلغة رصينة، فقد أتى الإنصاف هذه المرة لقصة العشق التي أزفت أن تنتهي، ولكن هذه المرة بلغة عالمية كتبت وثيقتها جهة تعنى بتقدير الإنجاز وتدوين البطولات وإنصاف المبدعين فقط (الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاءات)، بعد أن عانت تلك القصة وبطلها المتوج أنواع الجفاء من قبل من كل من ذاق فنونها واستمتع بفيض مشاهدها وجمال إخراجها!
وبعد انقضاء (تسع) من السنوات التي كانت مليئة بلحظات الانتظار تم الإعلان للملأ العالمي والآسيوي وقبلهما العربي والإقليمي وقبل جميع أولئك المحلي، تتويج نادي الهلال السعودي نادياً للقرن في قارة آسيا عن القرن الميلادي المنصرم، ونظير تقييم تلك القصة الهلالية التي نالت أعلى الدرجات في نظر من يقدر لغة الأرقام التي لا تعرف للكذب سبيلاً.
إنّ القصة الهلالية التي توّجت بزعامة القرن الآسيوي على مستوى الأندية الرياضية، ما هي إلا نتاج طبيعي لأرقام مخلدة في سجلات التاريخ الرياضي لم تكن تنتظر للإعلان عن هوية البطل إلا لحظة يتم بها الركون للواقع وقياس أبعاده، فكان قدر تلك القصة المليئة بالتشويق والإثارة والإنجاز والذهب الانتظار حتى أتاها الفرج من رؤوس الأشهاد كشاهد حي على ما تتمتع به الرياضة السعودية من تقدم، وعلى ما يشهده الإنسان السعودي من تطور، فقصة المجد الهلالي تم صياغة حروفها من أرض الرياض عاصمة التوحيد ومحطة الإمام الموحد الأولى، وقصة العشق تلك خرجت من رحم الوطن السعودي لتكبر وتكبر حتى غطت بكبر قامتها واتساع رقعتها محيط القارة الصفراء، كما استطاعت تلك القصة بجمالها وروعة اسلوبها وإتقان إخراجها أن تغطي بحارها ومحيطاتها وجبالها وصحاريها بلون أزرق كزرقة السماء انطلق من جوف الأرض السعودية ومن تحت رايتها الخالدة، فمن أراد الإبداع ويكتب في سجلات تاريخه الإنجاز، وتطرز مسيرته فليأت بمثل ما أتى به الهلال!!
من سجلات الإنجاز الهلالي:
- جميل هذا الهلال فهو مختلف بكل شيء في تسميته، وفي بطولاته، وحتى في مستوى التهاني التي تلقّاها، فقد عاش الهلال فرحة التتويج بتهانٍ انهالت عليه من كل حدب وصوب، ولكن تبقى تهاني القيادة بالنسبة للهلاليين أكبر من اللقب نفسه!.
- الهلال بإنجازه أنصف الكرة السعودية التي عانت من الجفاء بفعل ما تكنه بعض صدور أبنائها، ولكن بلغة تعدّّت لغتهم، وباعتراف تخطّى حدود معرفتهم وثقافتهم!.
- الإدارات الهلالية المتعاقبة ضمت الكثير من الرجال الذين كان لهم الفضل بعد الله في تحقيق هذا الإنجاز، فمن مرحلة التأسيس مع الشيخ ابن سعيد، إلى مرحلة إثبات الوجود التي قاد مسيرتها الأمير هذلول بن عبد العزيز ألبسه الله ثوب الصحة والعافية، فأرسى سموه ركائز الجسد الهلالي وجعل منها بريقاً شامخاً تحت سماء الرياضة السعودية، إلى مرحلة الزعامة المحلية التي كتب حروفها الأولى الأمير الراحل عبد الله بن سعد، ومروراً بعصر الإنجازات الهلالية في عهد الرئيس الذهبي الأمير بندر بن محمد، ومن خلفه الأمير الشاب سعود بن تركي، فالأمير محمد بن فيصل وانتهاءً بفترة الأمير الرئيس الهلالي الأمير عبد الرحمن بن مساعد، تكون قصة المجد الهلالي التي خرجت بحلة التتويج العالمية، قد شهدت في فصولها المتعددة إشرافاً مباشراً من قبل رجال لا يرضون بغير الذهب جزاءً، كما لا ننسى تلك الأسماء الأخرى التي يدوّنها التاريخ الهلالي من الرؤساء وعلى رأس أولئك الأمير عبد الله بن ناصر - رحمه الله -، والأمير عبد الله بن مساعد الذي جعل من فترة رئاسته للنادي محطة لترتيب فصول القصة والمطالبة بلقبها!
- الإدارة الهلالية مطالبة بأن تجعل من هذا اللقب علامة فارقة تسجل باسم الوطن وتشمل فرحتها جميع أجيال الهلال رؤساء ولاعبين وإداريين، فالوفاء عنوان طالما ميز الهلاليين وهذا ما أحسبه أنه تعد العدّة له فانتظروا صور الوفاء الهلالي!!.
- حتماً من يتقصى تاريخ الهلال سيجد من بين فرسان القصة لاعبين يطول المقام حين ذكرهم ولكن التاريخ الهلالي بالتأكيد لن ينسى مبارك عبد الكريم، وسلطان بن مناحي، ومحسن بخيت، وسامي الجابر، وصالح النعيمة, البيشي، الثنيان، ونواف التمياط، وخالد التيماوي، وفيصل ابو اثنين، ومنصور الأحمد، وعبد الله الدعيع، ومحمد الدعيع، وغيرهم الكثير ممن يزهو بوجودهم كتاب التاريخ الهلالي الذي يحتضنه المواطن عبد الرحمن بن سعيد بين جنباته وحوايا مدوّناته، فاسألوا ابن سعيد ففي مدوّناته الخبر اليقين!
- من الوقائع الشاهدة على التفوق الهلالي والتي كانت سبباً في تبوّئه هذه المكانة العالية، ما يتمتع به هذا النادي من إنكار الذات من قبل رجاله الذين يعملون بصمت ويدفعون بسخاء، إنكار الذات ديدنهم ودعم أي من مرشحي الرئاسة منهج اعتادوا على مسلكه، فنادٍ يتوفر به هذه المقومات بالحتم لن يكون أمام تحقيقه آمال عشاقه أي عقبة، فكل الطرق ميسرة لمنصات التتويج التي اعتادت على الهلال فعشقت مروره بين أروقتها كما عشقه الملايين من سكان الأرض!.
- الأجمل أنّ من فئة المعارضين (القلّة) للقب الهلال، أنهم لم يستطيعوا أن يشككوا باستحقاقه للقب، فكان الضحية هذه المرة الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاءات على جلالة قدره! كم أنت عظيم يا هلال، فالعظماء يتساقطون أمام حضرتك!
- إذا كانت القيادة الرياضية فرحت أشد الفرح بفوز الاتحاد وتخطّيه الحدود بمباراة الستة بحضرة سلطان الرياضة، فحتماً أنّ مباركة سموه للهلال مع سمو نائبه لها وقع خاص لدى الهلاليين خاصة والجمهور الرياضي بصفة عامة، فقد كانت تلك التهنئة رداً شافياً كان كفيلاً جداً بإلجام أفواه التشكيك، فالحضور الدائم للرياضة السعودية بسلطانها يعكس ما يكنه هذا الرجل من حب كبير لوطنه ومؤسساته الرياضية وفرحة سلطان وتهنئته إنجاز آخر ناله الهلاليون، وحتماً ستكون تلك التهنئة حاضرة في كل تاريخ يروى كل ما حان الحديث عن هذا اللقب الخالد.
maysay777@hotmail.com