قطاع الاتصالات السعودي يساهم بـ 1,22% من إيرادات السوق العالمي 50,6 مليار ريال حجم الإنفاق المتوقع على مكالمات الجوال بالمملكة خلال 2009
الجزيرة - د. حسن الشقطي:
أعلنت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في أحدث تقرير لها إلى أن إيرادات شركات الاتصالات الأربعة العاملة في السوق السعودي وصلت خلال الشهور الستة الأولى من 2009 إلى حوالي 32 مليار ريال.. كما يشير التقرير إلى أن حوالي 79% من إجمالي هذه الإيرادات نتجت عن الاتصالات المتنقلة.
عليه وتحت افتراض أن إيرادات النصف الثاني ستكون بذات القيمة، فإن إيرادات العام ككل يتوقع أن تصل إلى حوالي 64 مليار ريال ولأن فترة الحج تقع في النصف الثاني من العام وأن هذه الفترة يتخللها زيارة ما يزيد عن 2 مليون حاج على الأقل للمملكة، وغالبيتهم يقضون في المملكة قرابة الشهر تقريبا، كما أن هؤلاء الحجاج يعتمدون بشكل أساسي على استخدام خدمة الاتصالات المتنقلة، فإنه من المتوقع أن تتزايد قيمة الإيرادات في النصف الثاني عن النصف الأول، كما يتوقع أن تتزايد نسبة مساهمة الاتصالات المتنقلة في إجمالي الإيرادات.
إلا أننا سنفترض أنها ستكون بنسبة قيمة النصف الأول وعليه، فمن المتوقع أن تصل قيمة الإنفاق الاستهلاكي للمواطنين والمقيمين على خدمات الهاتف الجوال إلى حوالي 50.6 مليار ريال خلال 2009، وهي قيمة مرتفعة للغاية مقارنة بدول أخرى أوحتى مقارنة بعدد السكان.
فالبعض يتحدث بأن هذه القيمة مبررة نظرا إلى زيادة عدد المشتركين في خدمة الجوال، إلا أنها بمقياس الاستخدام في دول المنطقة الأخرى فهي غير مبررة فمثلا نجد أن مصر ورغم أن عدد المشتركين في الهاتف الجوال فيها وصل إلى 51.7 مليون مشترك أي وصل إلى عدد يفوق عدد المشتركين بالهاتف الجوال بالمملكة، فلم تزِد إيرادات الهاتف الجوال بها عن 11.1 مليار ريال مقارنة بحوالي 25.3 مليار ريال خلال النصف الأول من 2009م.
كما أن البعض يعتقد أن هذه الإيرادات أمرا مستحبا، إلا أنها قد لا تكون كذلك لبعض الدول، حيث إن هذا الإيراد ما هو سوى شكل من أشكال الإنفاق الاستهلاكي المبالغ فيه، حيث إن كل ريال ينفق على الهاتف الجوال إنما يضيع على الفرد فرصة بديلة لإنفاقه على أوجه أنفاق أخرى ربما تكون أكثر أهمية.. إننا نتحدث عن مدى الضرورة حتى يصل إنفاق الفرد على الهاتف الجوال في السوق المحلي إلى حوالي 637.3 ريال خلال 6 شهور على مكالمات الهاتف الجوال وإذا كنا نوافق على إنفاق قيمة أعلى من ذلك لبعض الأفراد أو بعض الأغنياء أو فئات رجال الأعمال، فإن هذه القيمة تبدو مرتفعة للغاية عندما نتحدث عن عموم الأفراد بما فيهم مواطنين ومقيمين، وبما فيهم أغنياء ومتوسطي الدخل، وبما فيهم أفراد لا تتطلب أمورهم الحياتية الاتصال بهذه القيمة المرتفعة.
بل إننا نتحدث هنا عن إنفاق خلال 6 شهور فقط.. وعليه، فإن حجم الإنفاق المتوسط على خدمات الهاتف الجوال يتوقع أن تصل سنويا إلى 1274.6 ريال، بمعدل شهري 106.2 ريال، وذلك مقارنة بحوالي 35.7 ريال للفرد بالسوق المصري.
أما الأمر المثير فهو أن هذا الإنفاق ينمو بزيادة كبيرة ومطردة ويتوقع أن يتضاعف خلال السنوات المقبلة، بل يتوقع أن يستخدم كل فرد ما يزد عن 4 إلى 6 خطوط للجوال في جهاز واحد.. ويتوقع أن يستخدم الإنترنت ويجري تحويلاته ويجري كثير من تعاملاته من خلال الجوال، ومن ثم فإن هذه القيمة قد تصل إلى نحو 5 آلاف ريال سنويا خلال عامين أو ثلاثة من الآن.. فما هو السبب وراء ذلك ؟ هل هي ضرورات معيشية أم دعاية وإعلان لخدمات لا نحتاجها جميعا بل نلهث وراءها من باب التقليد والمحاكاة، فكثير من خدمات الجوال نستخدمها جميعا رغم أنها خلقت لفئات معينة فقط..
في اعتقادي أن مؤشرات الإنفاق في قطاع الاتصالات السعودية يتطلب بعض التدبر، وخاصة إذا علمنا أن حجم الإيرادات المحلية من قطاع الاتصالات يبدو منافسا دوليا، حيث تشير التوقعات إلى أن قطاع الاتصالات العالمي يتوقع أن يحقق إيرادات في حدود 5.25 تريليون ريال خلال 2009م، أي أن قطاع الاتصالات السعودية يساهم بنحو 1.22% في إيرادات السوق العالمي للاتصالات رغم أن عدد سكان المملكة لا يساهم سوى 0.35% من إجمالي سكان العالم.. فالإنفاق على الاتصالات في السوق السعودي يسجل حاليا مؤشرات تفوق المعدلات الدولية بكثير «بما يزيد عن 200% عن المعدل العالمي».