الجزيرة - عبدالله عبدالرحمن المقحم
تستقبل الرياض اليوم بكل الفرح والسرور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، بعد رحلة علاجية ناجحة - ولله الحمد - ويكتمل فرح العاصمة الرياض وهي تبتهج أيضاً بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أميرها المحبوب، الذي يعود برفقة سمو ولي العهد بعد أن كان لأكثر من عام ملازماً دائماً لأخيه سمو ولي العهد، متنقلاً معه أينما حلَّ وارتحل بين الولايات المتحدة ومملكة المغرب الشقيقة؛ طلباً للعلاج والاستشفاء. تُغرِّد الرياض اليوم فرحاً بمقدم سلمان الوفاء الذي طال غيابه ولم يكن لها أن تصبر أو تستكين لبُعد نورها وضيائها لولا أنها عرفت أنه في رحلة من رحلات الوفاء التي لا يتقنها إلا سلمان؛ فهو في رفقة سمو ولي العهد ملازماً له وعوناً وعضداً له في رحلته العلاجية المكللة بالنجاح.
رياض سلمان تزهو اليوم سروراً بعودة محبوبها الذي طال غيابه حتى شكت شوارعها وأحياؤها وأبنيتها ذلك الفراق الذي لم تعهده ولم تجرب ألمه من قبل، ولكنها عرفت السبب؛ فقبلت أن تكون شريكاً وعوناً لكل الوطن في الوقوف مع أمير الوفاء في مهمته الأخوية العظيمة.
تلبس الرياض اليوم ثوب الفرح والحبور، وتلهج بالدعاء والشكر لله أن أعاد أميرها إلى حضنها الدافئ أخاً وأباً ومعلماً وحامياً وبانياً.
نعم إنها رياض سلمان التي تعلق اليوم قناديل الفرح ابتهاجاً بعودة ميمونة للإنسان الوفي الذي لم يشغله ويبعده عن أبنائه ومواطنيه إلا وفاؤه لأخيه حبيب كل الشعب.
الرياض تغسل اليوم كل أحزانها بعد أن قرّت عيونها برؤية أميرها المحبوب، الذي طال غيابه وزاد الشوق إلى لقائه بعد أن اكتوت بألم فراقه، الذي كانت تعد فيه الأيام والساعات، ولم تكن تستطيع تحمُّل ذلك الفراق وتلك الغيبة الطويلة لولا أمل اللقاء الذي تسعد به اليوم من جديد.
نعم إنها أحاسيس ومشاعر أبناء الرياض تجاه مدرسة الوفاء سلمان بن عبدالعزيز، الذي ضرب أروع الأمثلة في الوفاء والإخلاص الصادق، الذي لم تغيره الأيام أو تبد له الأزمان.
ومواقف الوفاء التي ميَّزت شخصية سمو الأمير سلمان دون سواه أكثر من أن تعدُّ أو تحصى، ولمن يحتاج إلى التذكير فإننا بالأمس القريب نتذكر كيف وقف سمو الأمير سلمان إلى جانب أخيه المغفور له الملك فهد طوال فترة مرضه؛ حيث كان الملازم له ورفيق رحلته منذ أن اشتد به المرض، ولم يتركه للحظة واحدة إلا بعد أن اختار الله روحه إلى جواره الأعلى - رحمه الله - ليجد أمير الوفاء نفسه مرة أخرى وبعد سنوات قصيرة في رحلة جديدة من رحلات الوفاء التي أصبحت جزءاً من شخصيته وأحاسيسه ومشاعره.
ورغم أننا ندرك أن (أبا فهد) بإنسانيته العظيمة وأخلاقه النبيلة لا يريد لأحد أن يتحدث عن هذا الجانب من أعماله الخيِّرة؛ لأنه يرى أن وفاءه جزء من واجباته وما تمليه عليه مسؤولياته؛ إلا أننا نستميحه العذر في إلقاء إطلالة خاطفة على تلك الجزئية المضيئة من شخصيته الإنسانية؛ حتى تكون مثالاً يحتذى لجيلنا وللأجيال القادمة، الذين لا بد أن ينهلوا من معين مدرسة سلمان الوفاء، ويتعلموا كيف يكون الوفاء والإخلاص والمحبة لإخوانهم وأحبابهم، وكيف يكون الوفاء لأوطانهم ولقادتهم.
ونحن في هذا المقام نقول إنه لو كانت هناك جائزة لنوبل في علم الوفاء لما اختارت غير (سلمان)، الذي ارتبط اسمه بالوفاء، وارتبط الوفاء به، وأصبح لازمة من لوازم شخصيته وإنسانيته النبيلة.
أما سكان العاصمة الرياض فبلا شك لن ينتظروا قرار القائمين على جائزة نوبل العالمية لإحداث فرع للجائزة في ميدان الوفاء؛ بل سيهدون اليوم من قلوبهم كل أوسمة ونياشين الوفاء والإخلاص لأمير الرياض المحبوب الذي ضرب أروع الأمثلة في صدق المشاعر ونبل الأخلاق، وصار نبراساً لكل مَنْ يريد أن يعرف معنى الوفاء الحقيقي الذي قلَّ أن يجود الزمان بمثله.
إنَّ مَنْ يعرف سلمان بن عبدالعزيز عن قُرب، ويعرف مدى ما يتمتع به من صفات عظيمة وأخلاق عالية، لا يمكن أن يستغرب منه هذا الوفاء أو يستكثر منه تلك الوقفة المخلصة مع ولي العهد - متعه الله بالصحة والعافية -؛ فقد جمع كل معاني النُّبل والإنسانية والشهامة، وما صفة الوفاء إلا واحدة من تلك المعاني العظيمة التي اتسع لها قلب سلمان، ورسمت شخصيته الإنسانية العظيمة.