تحقيق- إبراهيم الروساء
تمتد يد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام الإغاثية والإنسانية لتصل إلى خارج حدود الوطن وذلك لتضمد الجراح، وتواسي المرضى وتمسح الدمع عن الفقراء والمعوزين. تلك اليد المورقة والممتدة من شجرة صالحة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها للمحتاجين من داخل المملكة وخارجها عبر برامج دائمة وجسور إغاثية طارئة.
إلا أن الأمير سلطان بطبيعته الخلاقة، وفطرته الوثابة التي لا تلتزم بمعين واحد ينسكب منه العطاء، بل تزداد تلك الشجرة الخضراء لتسع وتتعدد وتشمل الجوانب الثقافية، والعلمية والتعليمية، والتدريبية، والتطويرية والتنموية بإزاء الخدمات الخيرية والإنسانية، لتكون جنباً إلى جنب لبناء الشعوب الإسلامية في العالم وتقدمها ورقيها كما هو الحال في مركز الأمير سلطان الثقافي بجمهورية النيجر وبالتحديد في عاصمتها نيامي، حيث يبزغ هذا المركز ليعطي أنموذجاً للعمل الخيري وإحدى منارات البذل الإنساني من لدن سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز.
ففي وسط أفقر بقعة في قارة إفريقيا وعلى ضفاف أطول وأغزر أنهار غربي القارة السوداء تجد مركزاً حضارياً يشع منه نور الإيمان وتفوح منه روح العقيدة الإسلامية السمحة وعبير اللغة العربية العطرة.
ذلك المركز الثقافي الجميل هو أول المستقبلين لزوار العاصمة النيجرية فموقعة المميز ساهم أن يكون من أولى المناظر التي يشاهدها القادم إلى العاصمة النيجرية بحلته البهية وطرازه العمراني الفريد، فما أنْ تنظر إليه حتى تجذبك منارتاه اللتان تعانقان السماء طولاً والأرض شموخاً، ولن تبرح حتى تدلف إلى ذلك المركز وتكتشف ما فيه.
عندما تقترب من المركز أكثر تجد لوحة رخامية بيضاء، منقوش عليها الاسم الذي أسسه وأنشأه وقام بتجهيزه وتمويله بالكامل في تلك البقعة القصية التي تكتنز بالمسلمين، ولا تستغرب إن علمت أن الاسم المنقوش هو اسم الأمير سلطان بن عبدالعزيز... فلقد امتدت يد سموه الكريمة لتلك البلاد التي تعيش وسط الفقر المدقع لتزرع صوراً من العطاء والبذل الإنساني للشعب النيجري وتواسي ما أصابهم من فقر وعوز وتدفع العلم إليهم وترفع الجهل عنهم، بإنشاء مركز حضاري وثقافي وعلمي وتعليمي وصحي وتنموي يعد صرحاً من صروح العمل الإنساني من المملكة العربية السعودية في العالم. تزين المركز أشجاره المتدلية بين فناءاته والحديقة المكونة مدخلاً جميلاً للمركز.
يحتوي المركز على مرافق وأقسام وخدمات مكتملة ومهيأة بالكامل حيث يتربع المركز على مساحة تقدر ب (23) ثلاثة وعشرين ألف متر مربع وبتكلفة إجمالية بلغت (24) أربعة وعشرين مليون ريال، تكفل بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الدفاع والطيران والمفتش العام.
كما يشتمل على معهد لإعداد المعلمين للمرحلة المتوسطة والثانوية وهو مبنى داخل المركز مكون من طابقين ولكل طابق فصول دراسية ومكاتب إدارية وغرف لخدمات الطلاب والطالبات حيث تم تقسيم المعهد ليكون الجزء السفلي للرجال والعلوي للنساء وداخل المركز يوجد مسجد يتسع لأكثر من 5 آلاف مصلي تقام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين بالإضافة إلى استقباله للمصلين في شهر رمضان، حيث يأتي قارئ من المملكة العربية السعودية لإقامة الصلوات في صلاة التراويح والقيام في رمضان، ويقام في المسجد حلقات لتحفيظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره بالإضافة إلى أنشطة المسجد المختلفة كبرامج إفطار الصائم والقوافل الدعوية التي يسيرها المسجد في مدن وقرى وهجر النيجر، ويحتوي المسجد على طابق علوي خاص بالنساء تقام فيه الصلاة وتدرس فيه العلوم الدينية على لوحات حائطية تستغل في فترة تجمع النساء لأداء الفروض.
كما يحتوي أيضاً قاعة المحاضرات والمؤتمرات والاجتماعات تتسع لأكثر من (300) شخص بالإضافة إلى ما يشمل عليه المركز من مكاتب إدارية ومكتبة مفتوحة للطلاب والزوار وفصول دراسية وباحات خارجية وكذلك الجدير بالذكر أن هذا العام سوف يشهد انطلاقة أولى لبنات البناء العلمي والمعرفي للمركز حيث ستتخرج أول دفعة من طلبة المركز ومعهد إعداد المعلمين وعددهم 57 طالباً ممن اجتازوا الإجازة التي تؤهلهم ليكونوا معلمين للطلاب في المراحل الثلاث.
والمعهد الذي يحتويه المركز يستهدف معلمي اللغة وهو أول معهد متخصص في اللغة العربية والعلوم الشرعية. ويعتبر مركز الأمير سلطان الثقافي أحد منارات العطاء اللامحدود والبذل في سبيل الخير من لدن سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز والتي يعنى بخدمة الإسلام والمسلمين بالنيجر، حيث إنه يعتبر رافداً من روافد التعليم والصحة والتنمية في النيجر ومقصداً للعديد من الطلاب داخل النيجر وخارجها.
وقد حقق المركز شهرة واسعة على الصعيد العلمي والثقافي والتنموي في النيجر وخارجها، حيث إنه يعتبر المركز الوحيد الذي يحتوي على معهد لإعداد المعلمين المتخصصين في مجال الشريعة واللغة العربية نظير التجهيزات الموجودة والكادر التعليمي والمتمكن فيه، كما يعد المركز معلماً ثقافياً إسلامياً بارزاً في النيجر وفي غرب إفريقيا وسيساهم في نشر الثقافة الإسلامية.
وهذا المركز يعد مجتمعاً تربوياً تكاملياً للخدمات من حيث المسجد والمعهد التعليمي والمرافق الصحية والخدمية والتجارية، ومن شأنه أن يساهم في توفير الوسائل المعينة لتعليم العقيدة الصحيحة للمسلمين في داخل النيجر وخارجها بالإضافة لتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم وتبليغ دعوة الإسلام وشرح مبادئه وتعليمه ودحض الشبهات حوله، ويقدم المركز المساعدات والخدمات للمحتاجين، وتوفير أماكن للعبادة وإقامة شعائر الله وتعلم العلم الشرعي بالإضافة إلى تدريس المرأة وتعليمها لتكون فاعلة في المجتمع.
كما يحتوي المركز أيضاً مركز صحي والذي يستهدف العناية بالطلاب صحياً ويوجد داخل المستوصف طبيب عام وممرضة للنساء وعيادة طبية وغرفة للإسعافات الأولية بالإضافة للصيدلية التي تقوم ببيع الأدوية بسعر رمزي، بالإضافة إلى مكتبة المركز والتي تحتوي على عدد من الكتاب المتنوعة في علوم والدين والعقيدة والتفسير واللغة والأدب والاجتماع والرياضيات وغيرها.
ويضم المركز مبنى للضيافة وسوقاً مركزياً يحوي عدداً من المحلات التجارية لخدمة مرتادي المركز ومغسلة أموات وغرفاً مضخات وبرج ماء وشبكات الخدمات العامة لتطوير الموقع ومبنى سكنياً للعاملين في المركز والقائمين على المسجد.