الاحتفالية المتنوعة التي أخذت تتشكل في كل أرجاء الرياض العاصمة، وتنسحب إلى بقية مناطق الوطن، لا تعني مجرد الفرح الشعبي العام والعارم بالعودة الميمونة من رحلة العلاج لولي العهد الأمين والركن الركين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - حفظه الله -، إنما تؤكد عمق التلاحم الضارب في النسيج الاجتماعي للشعب السعودي، بين قيادة رشيدة تعيش في وجدان كل مواطن، وشعب عريق يقبع في قلب اهتمامات هذه القيادة.

وهذه دلالة غير مباشرة على ما تتمتع به المملكة من كل معاني الاستقرار السياسي، وما تنعم به من مقومات الثقل الاقتصادي، وما تتميز به من خصائص النظام الاجتماعي؛ فالقيادة الحكيمة، ممثلة في أحد رموزها وثاني رجالاتها، مرتبطة بشعبها ارتباطاً وثيقاً؛ لأنه محكوم بشرعية البيعة والولاء، ومثبت بشهادة التاريخ الذي لم تصله يد التزوير، ومتحقق بتنمية شاملة لكل الوطن، والتي انعكست على حياة المواطن ورفاهيته إيجابياً، والسعي إلى تحسين مستوى الحياة والأداء لكل ما يتصل برفاهية أبناء هذه الأرض ومَن يقيم عليها؛ لذا تأتي ألوان الفرح في الشوارع والميادين وعلى وجوه الناس ابتهاجاً بعودة سلطان الخير من قبيل تأكيد بيعة ولاية العهد بعنوان الولاء الممزوج بالفرح الصادق والشوق المتقد في النفوس، وكأن الألسن تترجم مكنونات القلوب.. بأنك يا سلطان الخير والعطاء والمحبة في قلوبنا.. وفي محاجر عيوننا، وكما قال الشاعر العربي:

لم تطأ قدما سلطان الخير أرض البلاد التي تسكنه حتى اطمئن على أحوال مواطني جدة، ويستقبلهم بسؤاله كما يستقبلونه بتحياتهم، حديثه - حفظه الله - عن أخيه وحامل لواء مسيرة النهضة في هذه البلاد المباركة كان حديثاً ممزوجاً بالثقة والمحبة والاطمئنان؛ فكلماته عن الحج بدت كأنه لم يغادر البلاد بل كان حاضراً في مشاهدها وغبطته بشخصية المليك العادل الصالح الذي أثرى العالم أجمع بوهج الحكمة والمواقف التاريخية التي تليق بهذه البلاد وأهلها وكانت مثالاً واضحاً لما يتطلع إليه ولي العهد الأمين من امتثال المواطنين لهذه القيم والمثل التي فرضها المليك على نفسه؛ ليصبح من أكثر الشخصيات تأثيراً وتقديراً في العالم، وأخيراً فإن فرح هذه الأرض دائماً ما يكون عميماً؛ فعفو خادم الحرمين الشريفين عن بعض سجناء الحق العام يؤكد أن الفرح في أرض الفرح يشمل كل مَن يستحقه.

***